البث المباشر الراديو 9090
حنان أبو الضياء
تظل القاهرة محور ارتكاز العالم العربي، يمر اليوم أكثر من قرن على انعقاد مؤتمر القاهرة التاريخي في عام 1921، الذي دعا إليه ونستون تشرشل عام 1921، لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط في أعقاب الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية.

كان المندوبون من المسؤولين البريطانيين والاستعماريين، المعروفين لدى تشرشل باسم "الأربعين لصًا"، لقد أنشأ هذا المؤتمر الشهير أو سيئ السمعة الدولتين الحديثتين في العراق والأردن ورسم حدود فلسطين.

يكشف براد فوت في كتابه (القاهرة 1921: عشرة أيام صنعت الشرق الأوسط )كيف أن المؤتمر، سيطرة عليه البريطانيين بمشاركة محلية محدودة، بما في ذلك تي إي لورانس وجيرترود بيل، المدفوعين بتحيزاتهما، إلى جانب قدراتهما، لتغير الشرق الأوسط بشكل عميق لعقود مقبلة.

يفسر «فوت» سبب معارضة مسؤولين مثل وزير الخارجية اللورد كرزون والمفوض السامي المصري اللورد اللنبي لإقامة وطن لليهود ضمن الانتداب على فلسطين.

كان اللنبي، لا ينظر هو ولا كرزون بشكل إيجابي إلى وعد بلفور عام 1917، الذي وعد بإقامة وطن لليهود، والذي كان له آثار ملتهبة في العالم الناطق بالعربية.

واعتقد تشرشل على وجه الخصوص أنه يمكن التوفيق بين المخاوف الدبلوماسية المتنافسة في زمن الحرب في القاهرة وبذل قصارى جهده لتحقيق ذلك.

إلى جانب وعد بلفور، جرى تناول اتفاقيتين في زمن الحرب، الأولى كانت مراسلات مكماهون - حسين في الفترة من 1915 إلى 1916، حيث اعترف المندوب السامي المصري السير هنري مكماهون والشريف (الملك اللاحق) حسين ملك الحجاز بالاستقلال العربي بعد الحرب مقابل تمردهم ضد العثمانيين.

والثاني هو اتفاقية سايكس بيكو السرية لعام 1916 بين بريطانيا وفرنسا التي قسمت الإمبراطورية العثمانية، حيث انتقلت سوريا ولبنان الحديثتان إلى فرنسا.

بالإضافة إلى ذلك، كان هناك الموارد الاقتصادية والعسكرية الضخمة من نفط الشرق الأوسط التي يجب تأمينها، فضلاً عن التكاليف المالية الباهظة للاحتلال العسكري وقمع المتمردين، خاصة في العراق، ذلك "البركان الجاحد" كما أسماه تشرشل.

أمضى تشرشل ولورانس وبيل وكوكس وآخرون عشرة أيام في القاهرة لاتخاذ قرار بشأن هذه الأمور. روج تشرشل لما أسماه "الحل الشريف"، لدعم الحسين ملك الحجاز وابن سعود ملك نجد، في حين جعل أبناء الأول، فيصل وعبد الله، ملوكاً للعراق وشرق الأردن.

جرى رفض الاستقلال الكردي ووضع المناطق الكردية حول الموصل تحت سيطرة العراق، والاعتراف بمطالبات فرنسا في سوريا ولبنان.

كان مؤتمر القاهرة مختلفا بسبب المشاركة الرسمية لجيرترود بيل، وهو أمر لم يُسمع به تقريبًا بالنسبة لامرأة في تلك الحقبة، ويعود الفضل في ذلك إلى تشرشل.

وكانت بيل مؤيدة للعرب، في السياق الإمبراطوري البريطاني، لكنها لم تكن مدافعة عن الأكراد، مثل لورنس.

كما كانت القاهرة بمثابة آخر فرصة للورانس للظهور في الساحة العالمية، وسرعان ما تلاشى ظهوره وأزداد الغموض حوله، يعلل البعض ذلك بسبب رغباته الخاصة، ومات صغيرًا.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز