البث المباشر الراديو 9090
حنان أبو الضياء
نحن نعيش فى عالم تحكمه "الصهيونية السياسية".. تلك العقيدة، التي أسسها وعمل عليها تيودور هرتزل؛ منذ نشر كتابه (الدولة اليهودية) في عام 1896.

وقد تم تناول هذه القضية بشكل رئيسي في الإمبراطورية الروسية، حيث أقنعت سلسلة من المذابح العديد من اليهود بأنهم لم يعد لديهم مستقبل هناك، لكن الحركة الصهيونية كانت منقسمة بشدة حول المكان الذي يجب أن يذهبوا إليه، وتمسك البعض بفلسطين باعتبارها الوطن الوحيد الممكن لليهود، وجاب آخرون العالم بيأس، من أنجولا إلى أستراليا، بحثاً عن مكان ما لإقامة مستعمرة أو جيب، على الأقل كنقطة انطلاق مؤقتة، وكان هؤلاء "الإقليميون" بقيادة الروائي والكاتب المسرحي البريطاني الشهير إسرائيل زانجويل.

ومع ذلك، بحلول عام 1906، كان مقتنعًا بأنه لا يوجد مكان يمكنه استيعاب أكثر من 200 ألف يهودي من المتوقع أن يغادروا روسيا في ذلك العام، وفي حين أراد كثيرون الذهاب إلى الولايات المتحدة، قال أمام الجمهور: "لا يمكنك الاستمرار في تدفق المهاجرين إلى نيويورك إلى الأبد، وإلا ستنفجر نيويورك".

ومن خلال تحويلهم إلى ميناء جالفستون في تكساس، سيكونون قادرين على الاستقرار في جميع أنحاء "الغرب الأمريكي العظيم"، كان يوتشيلمان هو الذي تولى مسؤولية إنهاء العمليات الروسية.

لقد تمركزت فكرة هرتزل على أن الأمة اليهودية تحتاج لدولة، معتمدا على أنهم يستطيعون الاندماج تماما مع الأعراق التي تحيط بهم، والعيش في سلام لفترة قصيرة، ولكن سرعان ما يندلع عداؤهم من جديد مرات ومرات. ولقرون طويلة اعتاد اليهود على اعتبارهم الأكثر استحقاقا للازدراء بين الفقراء المدقعين.

هرتزل كان يرى أنهم شعب واحد، ويربط الشقاء بعضهم ببعض، وما أن يتوحدوا حتى يدركوا قوتهم على نحو مفاجئ، أن لديهم القوة الكافية لإنشاء دولة، بل ودولة نموذجية، فهم يملكون كافة الموارد البشرية والمادية اللازمة للوصول لهذا الغرض. إذا صعد نجمهم، تصعد معه سلطتهم المالية الرهيبة.

يشيرهرتزل بكل وقاحة في كتابه قائلا: بسبب جهل هذا العالم وضيق أفقه، فقد فشل في إدراك أن هذا الازدهار يضعف من يهوديتنا ويمحو خصوصياتنا، وأن الضغوط فقط هي ما يجعلنا نعود إلى جذورنا مرة أخرى، والكراهية التي تحيط بنا من كل جانب هي فقط ما يجعلنا غرباء مرة أخرى، لذلك، شئنا أم أبينا، فنحن الآن، وسنظل أبدا، جماعة تاريخية لها خصائص شائعة بيننا جميعا لا يمكن إغفالها. لا يوجد إنسان غنى أو قوي بما فيه الكفاية لنقل أمة من مكان لآخر فقط الأمة تستطيع ذلك".

سیرحل الأكثر فقرا أولا لزراعة الأرض، ووفقا لخطة تم وضعها مسبقا، سيقوم هؤلاء الفقراء بإنشاء الطرق، والكبارى، والسكك الحديدية، وأجهزة التلجراف، وتنظيم الأنهار، وبناء المساكن الخاصة بهم، سيخلق عملهم هذا تجارة، وستخلق هذه التجارة أسواقا، وستجذب الأسواق مستعمرين جدد، حيث سيذهبون طواعية على نفقتهم الخاصة ومتحملين للمخاطر التي تواجههم.

اسم فلسطين يجذب شعبنا بقوة هائلة، فإذا ما أعطانا فخامة السلطان فلسطین، سنقوم بدورنا بتدبير جميع الموارد المالية لتركيا، حيث يتعين أن نشكل هناك جزءا من السور الواقي لأوروپا ضد أسيا؛ حائط صد أمامي للحضارة في مقابل البربرية، وبصفتنا دولة حيادية، يتعين علينا أن نبقى على اتصال باوروپا بأكملها، الأمر الذي سيؤمن وجودنا، الشعب هو الفاعل والأرض هي أساس المفعول به في الدولة والفاعل هو الأهم.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز