البث المباشر الراديو 9090
شنودة فيكتور
منذ أحداث 2011 وحتى 2013 وبحكم طبيعة عملى كان ولازال لدى عادة الحديث مع كل من أتعامل معه خلال يومي، فبخلاف الأسرة والأصدقاء والزملاء أجد متعة فى الحديث مع أغلب الناس من باعة أتعامل معهم بصفة يومية أو حرفيين أعرفهم منذ سنوات أو حتى العابرين فى جنبات اليوم مصادفة.

كنت أدقق فى كلماتهم وردود أفعالهم حول ما يمر بمصر من أحداث فى هذا التوقيت، وتولد لدى يقين نابع من أحاديث هؤلاء أن مصر عابرة لكل تلك الأحداث بقوة وأجد فى يقينهم وإيمانهم أن مصر محفوظة، مهما كانت التحديات وما يمر بها من أزمات وربما أستطيع أن أجزم أن تشكيل سمات الشخصية المصرية وقدراتها على الصمود وعبور الأزمات يفوق ثقافات وشعوب متعددة بل وفى مقدمة تلك الشعوب، وهو أمر يدعمه التاريخ القريب والبعيد بشواهد وأحداث عدة أثبتت تلك القدرة وهذا الصمود أمام كل المحن والإشكاليات.  

وتمر السنوات يتغير فيها الحال فى بلدنا وتشهد نهضة غير مسبوقة فى قطاعات عدة، نهضة تخطت مرحلة الأحلام والآمال فى الكثير من القطاعات واستطاعت أن تمهد الطريق للمصريين نحو تنمية شاملة، وتحقيق أفاق اقتصادية تتخطى العديد من الدول بإمكانيات وقدرات مصرية 100% وهذا بالطبع لا يروق لكثيرين.

وبعدما عبرنا بقوة تحديات الإرهاب وإرهاصات الجماعات المتطرفة بنجاحات كبيرة أصبح لدينا تحديان. الأول هو إعادة تشكيل أولويات الشخصية المصرية وثقافاتها وعادتها وسلوكياتها تمشيا مع التحولات العالمية فى قطاع الاقتصاد والمال. والثانى معالجة كم من السلوكيات الناتجة عن ثقافات كارثية تولدت عبر سنوات عدة وتحتاج لجهد مجتمعى مكثف ومشترك من كل أطياف المجتمع المصرى (دينيا وثقافيا وتعليما وسلوكيا).

وعن ظهر قلب، أدرك الغالبية من متابعى المشهد الإقليمي والعالمي ما تواجهه مصر من تحديات فى الداخل والخارج فى وقت بالغ التعقيد شديد الصعوبة على صانع القرار المصرى وتتصدر تبعات الأزمة الاقتصادية تلك التحديات، ذلك لأنها تمس حياة الغالبية العظمى من جموع المصريين فى حياتهم اليومية التى كويت بنيران الأسعار الملتهبة وازدياد تأثيرها المباشر على الالتزامات الشهرية واليومية للأسرة المصرية حتى فى أبسط الاحتياجات والمتطلبات.

ربما ينظر البعض أن الحلول تكمن فى مواجهة إشكاليات الخارج ما بين غزة شرقا والسودان وسد النهضة الإثيوبي جنوبا والحدود مع ليبيا غربا، وإثيوبيا "الداعمة لانفصال الصومال" فى مدخل البحر الأحمر جنوبا وتبعات ذلك مع هجمات الحوثيين المؤثرة على حركة الملاحة فى قناة السويس وتأثيراتها على حركة الملاحة والتجارة العالمية وزيادة كلفة الشحن والأسعار توازيا مع تبعات أزمة روسيا وأوكرانيا وسلاسل الإمداد والتموين وما سبقه من تبعات التخضم وتأثيرات فيروس كورونا على العالم أجمع.

وأضحت مصر مطالبة بمواجهة تحديات تعجز عن مواجهتها دول ذات اقتصاديات كبرى ومتينة، وموروث أشكاليات متنوع من سنوات مضت ما بين محاولات هدم للدولة وبراثن فساد إدارى يحاول أن يضغى على كل إنجاز أو تطوير فى قطاعات الدولة المصرية يتعارض مع مصالحه الخفية.

ولا شك أن القيادة السياسية متمثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى يدرك جيدا أن المواجهة تكمن من الداخل بجبهة داخلية متماسكة ومؤمنة بالاحتياجات الأساسية للمواطنين من الغذاء والصحة والتعليم.

ولكن المتابع الجيد للأمر يجد تكثيفا وضغطا مروعا على الدولة المصرية على كل الأصعدة والاتجاهات لجعلها تصل لمرحلة تكون فيها غير قادرة على مواجهة تلك التبعات ويستتبع ذلك فقدان وخسارة ما تم إنجازه فى السنوات الماضية والعودة، لا قدر الله، إلى المربع صفر.

ولكن هنا تظهر قدرة الدولة المصرية القوية فى العبور من تلك الأزمة، أولا: بمؤسسات قوية ثابتة راسخه شديدة التأثير والأهم هو تفعيل دور الشخصية المصرية المتمثلة فى كوادر مصرية قوية فى كل قطاعات الدولة وتخصصات وتفوق جيل من أبناء هذه الأمة قادر على العبور ببلاده من تلك المحنة بسلام بل ومستمر فى عملية بناء قوية بدعائم من الخبرات والثوابت القوية بسياسات اقتصادية متطورة وحوار وطنى بناء دعا إليه رئيس الجمهورية يصل إلى خارطة طريق فعالة وقوية سريعة التنفيذ.

وربما يكون عام 2024 هو الأصعب بلا مُنافس على جموع المصريين ولكن لدينا يقين قوى أن مصر قادرة فى القريب العاجل على العبور من تلك الأزمات كما عبرت حديثا وقديما وصمدت أمام أشد المحن.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز