البث المباشر الراديو 9090
د. نسرين عبدالعزيز
أيام قليلة، ونحتفل بـ ثورة 30 يونيو؛ تلك الثورة التي كان لها صدى كبيرًا في جميع مناحي الحياة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية والفنية.

فحينما ترغب في التعرف على تاريخ شعب، وكواليس حياته وما عاناه في فترات سابقة، وما ترتب عليه حاليًا؛ فعليك بالرجوع إلى الدراما السينمائية، والتليفزيونية؛ فهي لسان حال الشعوب وأفضل معبر عن أيدولوجيتها، وإحدى أدوات التوثيق التاريخي التي لا يُغفل دورها بالإضافة إلى كتب التاريخ، وما سرده المؤرخون لأجيال وأجيال.

تمتلك الدراما أدوات عدة تترجم بها المشاعر التي يحس بها الإنسان والصراعات التي يمر بها في كل حقبة تاريخية، وفي كل مرحلة منها؛ ولهذا فقد ظهر كثير من الأعمال السينمائية والتليفزيونية بعد ثورة 30 يونيو 2013، واستطاعت أن تفجر طاقات مبدعيها؛ كتاب ومخرجين ومصورين وممثلين، وفي مقدمتها مسلسل "الاختيار" بأجزائه الثلاثة للمخرج بيتر ميمي، وما قدمه للجمهور من توثيق لأحداث ما قبل ثورة 30 يونيو وحكم الجماعة الإرهابية، وما انتهى إليه من ثورة شعب كامل يريد أن ينقذ وطنه، وتلاحم القوات المسلحة وأجهزة الجيش والمخابرات معا من أجل الحفاظ على مصر وهويتها.

كان المسلسل بمثابة "خلطة سحرية" تجمع بين الشق الدرامي، والشق الوثائقي، والذي استطاع أن يقدم وجبة معلوماتية سياسية مهمة تربط كل مشاهد بوطنه أكثر، وتنمي فيه روح التضحية، والانتماء للوطن.

أيضًا، سلسلة المسلسلات المستوحاة من ملف المخابرات المصرية التي تم إنتاجها في هذه الفترة؛ ومنها مسلسل "هجمة مرتدة"، ومسلسل "القاهرة كابول"، ومسلسل "العائدون"، ومسلسل "حرب". كما استطاع مسلسل "سره الباتع" للمخرج خالد يوسف ببراعة أن يقدم ملحمة درامية تجمع بين زمنين مختلفين بشكل احترافي ما بين فترة الاحتلال الفرنسي، وفترة حكم الجماعة الإرهابية، وانتهت حلقاته بقيام ثورة 30 يونيو، وكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي حينما كان وزيرا للدفاع في هذه الفترة، والإعلان عن الاستجابة لمطلب الثوار المصريين ضد حكم الأخوان وعزل الرئيس محمد المرسي وتعطيل العمل بالدستور.

وجاء مسلسل "الحشاشين" لـ بيتر ميمي، وما يحمله من رسائل ذات دلالات مهمة ليتحدث عن أخطر جماعة إرهابية في التاريخ، وأول من وضع النهج الذي سارت عليه جميع الجماعات الإرهابية فيما بعد، فاستطاع الربط بين الماضي، وتوابع هذا الماضي في العصر الحالي؛ مما قدم التوعية السياسية والدينية والاجتماعية للجمهور صغار وشباب وكبار.

أما في السينما؛ فقد ظهرت عدة أفلام تحدثت عن فترة ما قبل ثورة 30 يونيو، وفترة حكم الجماعة الإرهابية، وفي مقدمتها فيلم "المشخصاتي 2"، وأعمال أخرى تناولت فترة ما بعد الثورة؛ ومنها فيلم "جواب اعتقال"، و"اشتباك". وعلى مستوى الإنتاج الفني السينمائي فأصبح هناك اهتمام بإنتاج الأفلام السينمائية الوطنية، وكان أولها فيلم "الممر" لـ شريف عرفة، والذي حقق نجاحا ساحقا وإقبالا جماهيريا من جميع الفئات والأطياف والأعمار، وأعاد بث الروح الوطنية وربط شبابنا بتاريخهم السياسي وبطولات جنوده وجيشه وشعبه.

وآخرها، فيلم "السرب" لـ أحمد نادر جلال، والذي يعرض حاليًا، في دور العرض السينمائي، ويتحدث عن عمل الجهات الأمنية المصرية ضد المنظمات والكيانات الإرهابية، وبطولات الجيش المصري للتصدي لتلك الجماعات الإرهابية.

وأخيرًا، وليس آخرًا، ستظل الحركة الفنية في مصر رائدة ومواكبة لكل عصر، وستظل الدراما السينمائية والتليفزيونية من أهم القوى الناعمة داخل المجتمع ولسان حاله؛ حيث استطاعت ثورة 30 يونيو أن تخرج طاقات مبدعيها، وتقدم فنًا راقيًا له أهداف واعية تربط أطفالنا، وشبابنا، وكبارنا بوطنهم وترسخ لديهم قيم الانتماء والتضحية وحب الوطن، وتؤكد أن مصر ستظل صامدة ضد كل من يحاول أن ينال شعبها، أو تاريخها، أو حضاراتها.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز