البث المباشر الراديو 9090
د. نسرين عبد العزيز
تعد الهوية ومفهومها والتأكيد عليها من الإشكاليات الهامة في المجتمعات العربية في الوقت الحالي، خاصة بعد الغزو الثقافي الغربي وسيطرة التكنولوجيا المهولة وأدواتها واقتحام الانترنت والذكاء الاصطناعي اللامحدود لحياتنا، فيربى النشء على ما تصدره له بعض الوسائل الإعلامية الغربية الغير مسؤولة لتحقيق مصالح وأهداف وسياسات من يوجهها.

ولحماية أطفالنا فلابد من التأكيد على هويتهم العربية بكافة الأدوات والوسائل من قصص مصورة، من رسوم متحركة، من دراما إذاعية وتليفزيونية حتى تتحقق لهم التوعية السياسية التي يقصرها الكثيرون على الكبار فقط، مع أن الأطفال في أمس الحاجة إليها، وهذا ما ناقشه مشروع "جذوري" مشروع تخرج طلاب قسم اللغة والترجمة بكلية اللغة والإعلام بالأكاديمية البحرية فرع الشيراتون تحت إشراف رئيس القسم الدكتورة ريهام الشاذلي، وبالفعل شاهدت فكرا واعيا من طلاب على دراية بأهمية التوعية السياسية للأطفال فكان جمهورهم المستهدف الأطفال من جميع المراحل العمرية، منذ الطفولة المبكرة وحتى الطفولة المتأخرة مؤكدين على أهمية الوطن والانتماء له، مناقشا لمشاكل الدول العربية المختلفة، والادعاءات التي تروج ضد بعض الدول العربية، واستخدام نهج الرمز ودلالة الصور.

فعلى سبيل المثال مفتاح الدار رمز للوطنية والتمسك بالأرض لدى الفلسطينيين، وأيضا في رسم أبعاد شخصيات فيلم الرسوم المتحركة الذي أعده الطلاب عن قضيتهم كان له دلالة سواء في الشكل أو المظهر أو لون البشرة والاسم، واستطاعوا من خلال منتجات المشروع من ترجمة رواية أرشيفيا، وإنقاذ ستيلا، وتصميم ألعاب بازل وكروت الذكاء، وكتب التلوين، وفيلم الرسوم المتحركة توصيل الكثير من المعلومات عن الوطن العربي للأطفال وتقديم وجبة معلوماتية سياسية بسيطة وسهلة الفهم للأطفال ومحددة في هدفها لتحقق الغرض المطلوب منها، وهو الحفاظ على هويتنا.

وعلى الصعيد الآخر تم عرض مشروع EKO وهو عن قضية مجتمعية ذات أبعاد صحية في غاية الأهمية، وهي التلعثم في الكلام وصعوبة القراءة والكتابة، وكان ذلك تحت إشراف عميد الكلية أ.د. محمد النشار، وحقيقة الأمر أنني ذكرت أن هذه القضية مجتمعية في المقام الأول لأنه إذا لم يتم التعامل مع هذه المشكلة الصحية بشكل سليم سيتفاقم الأمر إلى صعوبة التواصل بين من يعانون من التلعثم وبقية أفراد المجتمع مما يسبب فجوة في التواصل والإحساس بالاغتراب وعدم تحقيق التعايش السلمي بين أفراد المجتمع ـالواحد فجاء المشروع ليدق ناقوس الخطر متماشيا مع أهداف التنمية المستدامة وضرورة دمج ذوي القدرات الخاصة ومن يعاني من مثل هذه المشكلات مع المجتمع والتعامل معهم مثلهم مثل الأصحاء، فهذا الانخراط والتعايش السلمي ينتج عنه مجتمع صحيح منتج يعيش في سلام نفسي واجتماعي.

وما يحسب لهذا المشروع أيضا أن الطلاب وضعوا دليلا لتعريف مشكلة التلعثم، وكيفية التعامل مع أصحاب هذه المشكلة داخل المدارس كوسيلة مساعدة للمعلمين على تخطي هذه المشكلة والتعامل معها، كما قاموا بإنتاج فيلم رسوم متحركة عن هذه المشكلة وكيف يتغلب عليها بطل العمل الذي يعاني من هذا المرض وكيف تخطاه واستطاع أن يلتحق بعمل مرموق، مشيرا لدور الأسرة والمدرسة في تقديم الدعم الكافي لتخطي هذه الأزمة، مع ترجمة رواية حكاية لونا للكاتبة كلمنتينا مكانجولا التي تعاني في الحقيقة من ذات المشكلة وكيف تغلبت عليها.

وأخيرا وليس آخرا إنه من المهم أن نضع خطة محكمة لمشروعات تخرج الطلاب محدد بها أهم القضايا العربية والمشكلات التي يتم مواجهتها داخل الوطن العربي ككل، وما يعيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أكد عليها سيادة الرئيس، مؤكدين على أهمية الهوية القومية والتوعية بكافة جوانبها وهذا ما حققته مشروعات طلاب كلية اللغة والاعلام قسم اللغة والترجمة بشكل كبير.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز