البث المباشر الراديو 9090
أحمد عنتر
"وذكرهم بأيام الله".. وبأقدار الله ونعمه وبهائه وتجليه على أرض سيناء ليضع جذور المجد فيها، فتنبت على أهل مصر الخيرات، ليُكتب عليها أن تمنح منه للعالم في وقت حاجته، وجوعه وانكساراته، إذ كان القدر أن تصبح مصر سلة الغذاء وطوق النجاة لعباد الله في الأرض، يأتونها آمنين فيخرجون منها محملين بالرضا والشبع والحبور.

وإن قدر الكنوز في أرض الفيروز، أن يتهافت عليها المتاجرون أهل الشر، طمعا وظلما، ينثرون في طريقهم إليها الدماء، ويتلفون الزرع، لكنهم إذا اقتربوا غشيهم النور فعطّل أبصارهم، وضربتهم صواعق أهل الخير والوطنية فأسقطت أحلامهم، كورق الزيتون المتناثر، إذ لا يحق لمعدوم شرف أن يملك الحق، ولا لعديم أمانة أن يحمل الأمانة التي وضعها الله في يد أصحابها ممكنا لهم منها، مباركا لها بينهم.

في الذكرى الـ 42 من يوم تحرير أرض سيناء، وعودة الشبر الأخير منها، بعد معركتين عسكرية ودبلوماسية، تذكرتُ – في أوج البأس الشديد الذي يملأ المحيط المضطرب - قول الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل عامين في ذكرى رفع العلم على طابا، "إن من أراد السلام عليه امتلاك القوة"، إذ أحسست أن هناك من يحمل بين يديه عبء الأمانة ذاتها، أمانة الدفاع عن الأرض حتى آخر شبر فيها، استشعرت بأن هناك من يضع الاستراتيجيات ويستشف من أيام العدوان دروسا ويرتشف من الكفاح والقتال بأسا وصلابة، ويخطط ويدرس ما وقع ليواجه ما قد يقع، حتى أفاض الله عليه بأن استشرف من الواقع والأحداث الحاضرة رؤى للمستقبل وتحدياته.

ذلك الخطاب الرئاسي قبل عامين شعرت أنه اخترق في كلماته التي بدت عادية وقتها، ستار الزمان، وحمل تحذيرا من واقع خطير ممتد، ظهرت آثاره في تلك الأيام جلية ظاهرة، إذ حذر الرئيس وقتها من "أنه في ظل أوضاع إقليمية ودولية بالغة التعقيد يأتي تعظيم قدرات القوى الشاملة للدولة على رأس أولويات الدولة المصرية التي استشرفت آفاق المستقبل برؤية عميقة للأحداث ونظرة ثاقبة للمتغيرات والتطورات الدولية فثبت لها يقينًا أن من أراد السلام فعليه امتلاك القوة.

وفي كلمته اليوم في الذكرى الـ 42، ألقى الرئيس السيسي الضوء على ما سبق وحذر منه على مدار أعوام في كلمات مشابهة، لكنه مع هذا التحذير أشار إلى رجال جيش مصر المرابطين على كل شبر من أرض الوطن، والذين يستيقظون كل صباح على تجديد عهد الولاء لله والوطن متأهبين دومًا، للدفاع عن أمة وضعت ثقتها المطلقة فيهم وفي قدرتهم على الحفاظ عليها، وكأنه يقول أن لكل موقف رجال، ولكل وطن حماة، ولكل معترك قدر وقدرة.

تعجبت من ذلك التوافق بين ما توقعه الرئيس السيسي في كلمات سابقة، وبين ما أفرد له من جمل في كلمته اليوم بذكرى تحرير سيناء، وكأنما كان يدرك تماما ما ستؤول إليه الأوضاع، وحجم الخطر الذي يحيق بالمنطقة من كل جانب، إذ قال من جديد إن "سيناء التى تحررت بالحرب والدبلوماسية ستظل شاهدة على قوة مصر وشعبها وقواتها المسلحة ومؤسسات دولتها، ورمزاً خالداً على صلابة الشعب المصرى فى دحر المعتدين والغزاة على مر العصور".

الرئيس في كلمته اليوم قال إن مصر تعرضت "على مدار السنوات الماضية لاختبار جديد استهدف سيناء، وخضنا حرباً شرسة ضد قوى الإرهاب والشر التى ظنت واهمة أن بمقدور عملياتها الإرهابية إضعاف عزيمتنا، ولكن تحطم الشر على حصون الخير والشرف، وقدم الشعب شهداء أبراراً من أبنائه الكرام فى القوات المسلحة والشرطة المدنية ليدفعوا بدمائهم الغالية ثمن حماية سيناء، بل ومصر كلها من الإرهاب والتطرف".

كما استعرض ما حذر منه سابقا، مشددا على موقف مصر من كل تلك القضايا الحساسة، بقوله إن "التطورات التى شهدها الإقليم خلال الشهور الماضية، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والموقف المصرى الواضح منذ اللحظة الأولى، الرافض تماما لأى تهجير للفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء أو إلى أى مكان آخر، حفاظاً على القضية الفلسطينية من التصفية وحمايـة لأمـن مصـر القومــى، وكذلك موقفنا الثابت بالإصرار والعمل المكثف لوقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، ودفع جهود إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة ليحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة، كل هذه تشكل الثوابت الراسخة التى تحرص مصر على العمل فى إطارها بهدف أسمى وهو إرساء السلام والأمن والاستقرار والتنمية فى المنطقة لصالح جميع شعوبها".

"إنك بالوادي المقدس طوى"، وإيمانا من القيادة والدولة بأن أمانة الله مقدسة، والحفاظ عليها عقيدة راسخة، فقد شدد الرئيس، على أنه "كما كانت الحرب من أجل تحرير سيناء واجباً وطنياً مقدساً، وكذلك كانت الحرب من أجل تطهيرها من الإرهاب، فإن تنمية سيناء وتعميرها هو واجب وطنى مقدس أيضا، واليوم تشهد سيناء جهوداً غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة فى الصحة والتعليم والبنية الأساسية وجميع مقومات العمران والصناعة والزراعة، فى إطار مشروع قومى ضخم يستحق أن يقدم المصريون التضحيات اللازمة من أجل تنفيذه، حماية وصوناً لأمن وسلامة الوطن كله".

تحيا مصر.. حرة أبية شامخة عالية الراية نافذة الإرادة..

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز