البث المباشر الراديو 9090
هاني لبيب
لكل منا عزيز ينتظره، فنجد من ينتظر رسالة من أصحابه الذين عمل معهم فى بلاد الغربة، ومن صديق محدد، ومن ابنه الذى لم يعد يراه، ونجد أيضاً من تنتظر زوجاً يعمل يومياً لساعات طويلة، ومن تنتظر رسالة من والدٍ يعمل خارج البلاد.

ويصل الأمر بالبعض إلى أن يقوم بكتابة رسائل لنفسه، على لسان كل من يحبهم، ويشتاق إليهم، وينتظر منهم خطاباً، وكأنهم هم الذين كتبوه وأرسلوه، حتى أنه كتب لنفسه رسالة من إحدى الوزارات، رغم أنها فى الحقيقة لم تُرسل له.

الطريف فى الأمر هو وجود مبرر لطيف لكل من ننتظر منه رسالة، ننتظر ونصبر للغد فربما تأتى رسالته، وحينما لا تصل نبرر لمن نحبُه بأنه قد نسى.

تمر الأيام ونظل على هذا الحال، وعندما تصل الرسالة التى ننتظرها بالفعل، ربما نكون قد رحلنا، رحلنا بعد صمت سنوات انتظرنا فيها وصول الرسالة، يقول أحدهم تعليقاً على مثل ذلك الموقف: "مشى خلاص.. مبقاش مستنى"، وعلى كل منا أن يحدد أسباب رحيله طبقاً لواقع خبرته الشخصية.

ما سبق، هو سياق فيلم شاهدته فى 2010 حسبما أتذكر.. وهو فيلم "عزيز.. لكلاً منا انتظار.."، وهو من سيناريو وحوار وإخراج المبدع شريف وهبه، ومن بطولة الفنان القدير أحمد بدير والفنانة القديرة عايدة رياض

أجد صعوبة شديدة فى الكتابة عن الإبداع، ليس فقط لأنى لا أصنف ضمن جماعة النقاد، بل لأنى أعتقد أن الإبداع حالة شخصية لا يمكن الحكم عليها ببساطة وسهولة من وجهة نظر النقد سواء كان سلبياً أو إيجابياً، فالإبداع الحقيقى لا يمكن التعامل معه بالاستخفاف الذى ألحظه هذه الأيام من نقاد يعتمدون منهج اختزال الأعمال الإبداعية، ويستهينون بها، وينقدونها بقسوة لدرجة أنهم ينفون عنها صفة الإبداع.

جسَّد الفنان القدير أحمد بدير تلك الحالة من الانتظار، انتظار العزيز، الصديق، المستقبل.. "عزيز.. لكلاً منا انتظار.." عن الرسالة للكاتب البولندى مارك هواسكو.

نقطة ومن أول السطر..

ترى، من هو العزيز فى حياة كل منا؟!

وهل ننتظر قدومه، لأنه لم يحضر بالفعل، أم لأنه حضر ولم ننتبه إلى حضوره وتواجده؟!

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز