البث المباشر الراديو 9090
جمال الكشكي
كانت الحل الوحيد لإنقاذ مصر والمنطقة، 30 يونيو عام 2013 صاغت مفهوما مختلفا للثورات، فمن حيث العدد، فقد شارك فيها أكثر من 35 مليون مصرى فى لحظة واحدة، ومن مختلف الطبقات والفئات والأعمار، نساء ورجالا وشبابا وأطفالا، خرجوا جميعا كأكبر جمعية عمومية فى تاريخ الشعوب، لاستعادة هوية البلاد التى كادت أن تُسرق فى لحظة غامضة.

ظن السارقون أنها صارت فى حوزتهم، فقد حشدوا ما يشبه الثورة، وتدربوا فى كل مكان من العالم للحظة الاختطاف، وقد تمكنوا من السرقة، بدعم المدربين، واعتقدوا أنهم نجحوا للأبد، لكنهم لم يعرفوا المصريين عن حق، فالذين كانوا معهم هم من المستعارين، ومن الملفقين، ومن المرجفين، بينما كان المصريون الحقيقيون يشاهدون، ويتأملون ما يجرى أمام أعينهم، ولسان حالهم يقول: "إن هذه ليست مصر التى يعرفونها، وفى لحظة واحدة قرروا استعادة روح الأسلاف فى ثورة 1919، فقد خرجوا جميعا بنفس نمط، طرد الإنجليز ليتخلصوا من التنظيمات والجماعات والميليشيات عابرة الحدود التى لا تشبه مصر، ومصر بدورها لا تؤمن بها".

لم يخرج المصريون من أجل بلادهم فحسب، بل كانت أعينهم على أشقائهم فى الإقليم العربى، الذين وجدوا أنفسهم غارقين فى مستنقع التنظيمات والميليشيات والحروب الأهلية، والتدخلات الخارجية، لاسيما أن بعض العواصم العربية، مثل دمشق وصنعاء وطرابلس، وبغداد، كانت تعانى من ضيوف ثقلاء من كل القوى العالمية التى استغلت الأوضاع الداخلية، ودعمت ميليشياتها، وأدواتها وأمدتها بالمال، والسلاح، والإعلام.

أدرك المصريون خطورة ذلك، فتدافعوا كتفا بكتف، قرروا دون اتفاق، لكن بدوافع وطنية خالصة، أن يكسروا هذا الطوق المضروب على مصر وعلى المنطقة، ورأينا نتائج هذه الثورة تتجلى فى عزل حكم الجماعة الإرهابية، وتعيد الهوية الطبيعية للروح المصرية، وكان من نتيجة ذلك، أن استفاقت العواصم العربية، واتخذت من ثورة 30 يونيو مثالا، يقوم على رفض حكم التنظيمات الإرهابية، ووجود الميليشيات والجماعات عابرة الحدود، وإيقاظ عروبة الهوية الوطنية، واحترام مؤسسات الدول الوطنية، وتمكينها من ترتيب أوضاع المجتمعات، ولا تزال فلسفة 30 يونيو، تؤكد أن الاختيار الوطنى هو الصحيح، ولولاه ما استطعنا استعادة الوطن والهوية والدور.

جمال الكشكي - كاتب صحفي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز