البث المباشر الراديو 9090
عبد المنعم عاشور
أن تأتي وزيرًا في ظل هذه الظروف التي يمر بها الوطن فأنت تصبح كالقابض على ترابه خادمًا له، ففي الماضي كانت المناصب تشريفًا يتباهى بها المكلفون.

كان المرء إذا أصبح وزيرًا يقيم الولائم، ويذبح الذبائح، أما الآن فالوضع تغير تمامًا؛ فالرئيس عبدالفتاح السيسي جعل من يقبل المنصب يفكر ألف مرة؛ نظرا للتحدي الذي يخوضه هذا الوطن وسط أمواج الصراعات المتلاطمة على حدوده من كل جانب.

التعديل الوزاري سنة الحياة؛ بل هو الآن واجب الوقت. نحتاج إلى ضخ دماء جديدة تعي، وتدرك حجم المخاطر التي يمر وطن كبير قوامه تجاوز المائة مليون نسمة، يتطلع لمستقبل أفضل مع الحفاظ على الإنجازات التي تمت في السنوات الماضية.

ومن حسن الطالع أن يكون الإعلان عن الحكومة الجديدة مواكبًا لذكرى يوم تخلصنا فيه من كابوس جماعة إرهابية كانت تريد الانفراد بالحكم، والاستيلاء على مقدرات البلد، ولكن الله سلَّم، وعادت الأمور إلى نصابها الصحيح، وبدأت مصر في الانطلاق نحو آفاق التنمية على الرغم من الأزمات المتعاقبة التي لم تكن طرفا فيها، لكنها تأثرت كغيرها من حروب مجاورة، وأزمات عالمية متلاحقة.

28 يومًا تقريبًا ما بين تقديم الدكتور مصطفى مدبولي استقالة حكومته القديمة، وتجديد الثقة في شخصه مرة أخرى، وإعلان الوزارة الجديدة تخلل ذلك عديد من اللقاءات مع أكثر من 65 شخصية مرشحة للمنصب الوزاري، ما يعني أن هناك نية فعلا لاختيار الأفضل؛ من أجل تغيير نمط الأداء الحكومي، وتسريع وتيرته.

الأسماء التي أُعلنت اليوم لها كل التقدير والاحترام، ولكن الحقيقة أتوقف هنا على اختيار الدكتور أسامة الأزهري، وزيرًا للأوقاف؛ هذا العالم الطموح الشاب صاحب الفكر المستنير، قلَّ أن تجد خلافًا عليه؛ لباقة في الحديث، وحضور طاغٍ في المحافل العلمية، أظنه قادرًا على استكمال مشروع تجديد الخطاب الديني الذي طالب به الرئيس السيسي مرارًا وتكرارًا.

أيضًا، تعيين شريف فاروق، القادم من الهيئة القومية للبريد إلى وزارة التموين بعد نجاحات حققها هناك تتعلق بالتحول الرقمي وتطوير المكاتب البريدية، يجعله قادرًا على رقمنة الخدمات التموينية المقدمة للمواطن إلى جانب تطوير أنظمة صرف السلع التموينية التي تهم قطاعًا كبيرًا من الشعب المصري.

أيضًا الحكومة الجديدة شهدت تغييرات في وزراء المجموعة الاقتصادية؛ كي تتناسب مع المرحلة الحالية، ودخول مصر عصر الاستثمارات الكبرى التي أصبحنا نسمع عنها يوميا؛ الأمر الذي يعني أننا أمام حكومة أظنها ستكون قادرة على تحقيق آمال الشعب وتطلعاته. والأهم من كل هذا هو التفكير خارج الصندوق في ظل وضع عالمي مشتعل.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز