سعيد عبد الحافظ
واتفق الجميع أن ثورة 30 يونيو أسقطت نظاما سياسيا ظن فى لحظة غرور جامح أنه يمكن ابتلاع الوطن وتحويله إلى دويلة فى عالم الخلافة الذى يحلم به، هذا على مستوى الضرورة السياسية التى فرضتها ممارسات حكم الإخوان من تمييز وكراهية ضد المسيحيين والقوى المدنية، بل والسياسية المختلفة معها.
لكن على الجانب الآخر ربما لايعلم الكثيريين أن ثورة 30 يونيو لا تستمد شرعيتها فقط من الرفض الشعبى، وخروج الملايين لإسقاط حكم الإخوان، فهناك الظروف الاستثنائية وهى الرافد الأهم لشرعية الثورة الشعبية.
إذ إنه طبقا لتصوص القانون الدولى، فإن الظروف الاستثنائية هى أوقات الطوارئ العامة التى تهدد حياة الأمة بالخطر، مادة (4/1) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، وحالة الحرب أو الخطر العام الذى يهدد حياة الأمة، مادة (15/1) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وهى "زمن الحرب أو حالة الخطر العام، أو أى ظروف أخرى تشكل تهديدا لأمن واستقلال الدولة طبقا لنص المادة (27/1) من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان.
وطبقا لهذا لم تخرج الحالة المصرية عن هذا المفهوم، حيث عانت الدولة فى ذلك الوقت من الإرهاب والتخريب الداخلى الذى وصل حد الفوضى، وليس من قبيل المغالاة التأكيد على أن ما فرضته الدولة من قوانين عقب ثورة 30 يونيو لمواجهة تلك الظروف الاستثنائية يتفق أيضا وقواعد القانون الدولى الذى اشترطت فى تلك القوانين حتى تتمتع بالمشروعية أن:
تفرض بموجب أحكام القانون، وليس بأى أداة أخرى أدنى منه.
أن يكون فرضها أمرا ضرورياً لحماية النظام أو الأمن العام فى المجتمع الديمقراطى.
ألا تنطوى على أى تمييز سواء أكان بسبب اللون، أم الجنس، أم اللغة، أم الديانة، أم الأصل الاجتماعى، وهو ما حققته مصر حرفيا، وهنا يجب التذكير فقط بأن سبق ولجأت المملكة المتحدة إلى استعمال نص المادة الخامسة عشر من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بسبب انتشار العمليات الإرهابية والتخريبية، التى تمارسها منظمة الجيش الجمهورى الآيرلندى السرى (IRA) فى شمال أيرلندا.
خلاصة القول: «ثورة 30 يونيو ستظل ثورة شعبية استمدت شرعيتها من الضرورة السياسية التى فرضها الشعب والضرورة الاستثنائية التى أرسى قواعدها القانون الدولى».
