البث المباشر الراديو 9090
هند عيارى وطارق رمضان
قبل أيام من مثولها أمام القضاء فى القضية التى تتهم فيها الداعية السويسرى طارق رمضان، حفيد مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، حسن البنا، باغتصابها أصدرت الكاتبة الفرنسية هنده عيارى، مطلع هذا الشهر، كتابا جديدا تحت عنوان "أبدا لن أضع الحجاب ولن أُغتصب".

هنده عيارى المرأة الأربعينية التى ترأس جمعية "النساء المتحررات" فى فرنسا، سبق لها أن ألفت كتابا، ونشرته فى نهاية عام 2016 تحت عنوان "اخترت أن أكون حرة.. الهرب من السلفية فى فرنسا"، فى ذلك الكتاب تحدثت عن مثقف إسلامى اعتدى عليها ورمزت إليه باسم "الزبير" ليتضح لاحقاً أن المقصود هو طارق رمضان، حفيد حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين.

بداية الأزمة

وفى مؤلفها الجديد تقول هنده إنها التقت أستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة بجامعة أوكسفورد البالغ من العمر 55 عاما، بشكل مستمر للسماع إلى نصائحه الدينية والاجتماعية، إلى أن كان اللقاء فى فندق بباريس 2012 والذى فجّر الأزمة التى تتكلم عنها اليوم.

بدأت أزمة هنده الحقيقية عندما ألقى طارق رمضان محاضرة على هامش مؤتمر اتحاد المنظمات الإسلامية فى باريس، ومن ثم دعاها إلى غرفته بالفندق، وهناك حاول استغلال ضعفها، وقلة حيلتها، ليقوم بمعانقتها وتقبيلها، وعندما تمردت عليه صفعها بعنف واغتصبها، ولأنها كانت خائفة من الانتقام خشيت من الحديث عن الواقعة، وظلت صامته لعدة سنوات.

معاناة ضحية

حالة من الأرق والاكتئاب ظلت ترافقها لعامين حتى استجمعت قواها لتتهم الداعية السويسرى باغتصابها، وبالفعل اتصلت بمحام، لكنها لم تشعر بأنها مستعدة لإيداع شكوى، متخوفة من ردود الفعل التى فى الغالب ستوجه الاتهام للضحية وتترك الجانى وتقول "كنت أخشى ألا يصدقنى أحد.. لكن فى ذلك اليوم كانت هناك حملة لتحرير المرأة.. وقلت فى نفسى إنها اللحظة المناسبة فى تبنى هذه الحركة التى تحررت فيها النساء من عدة قيود اجتماعية.. وخلال الحملة تحدثت عن الموضوع لأسنجمعى شجاعتى واكتشف نفسى من جديد، ولأثبت للنساء بأن عليهن تحطيم قيود الصمت، وهكذا بدأت شيئا فشيئا أشعر بأنى لست وحيدة وأن هناك ضحايا أخريات لطارق رمضان".

وتقول هنده "الغريب أن هناك من يشكك فى نزاهتى، ويقول بأنى تلقيت أموالا من قبل منظمات صهيونية وكانت هناك شهادة زور أدلى بها رجل ضدى، أكد خلالها بأنى تحرشت به جنسيا.. وغيرها كثيرًا، فقد تلقيت العديد من الرسائل التى تتضمن كيلا من الشتائم.. ولم أتصور أبدا أن يكون رد الفعل عنيفا بهذا الشكل".

تفاصيل مثيرة

فى مؤلفها الجديد أفصحت الكاتبة الفرنسية عن اسم مغتصبها، بل وتروى تفاصيل دقيقة فى حياتها معترفة بأنها التقت الداعية طارق رمضان بعد اغتصابها، مرتين فى 2013 و2014 لأنها كانت فى حاجة لتفهم سبب تعرضها للاغتصاب، لكنها أكدت له أنها لن تقدم على اتهامه من أجل حماية أطفالها، خصوصا بعدما هددها بالتعرض لأطفالها الثلاثة إن تقدمت بشكوى بل وهددها هى شخصيًا قائلا "أنت تعرفين بأنى لست بمفردى وأشخاص كثر يستطيعون العثور عليك".

التشدد السلفى

وتطرقت هنده فى كتابها إلى تفاصيل أكثر عن حياتها إذ أنها قررت التخلى عن النهج السلفى وخلع الحجاب، لتعيش كمسلمة حرة لأن ارتداء الحجاب أصبح من أهم الأدوات السياسية لدى الإسلاميين فى فرنسا، مؤكدة فى الوقت ذاته أنها لا تقود حربا ضد المحجبات، وإنما ضد النساء اللواتى يدركن أنهن يرتدينه لأسباب سياسية ولإثارة الجدل.

وتقول الكاتبة التونسية الأصل أنها كانت سلفية فى السابق وترأس اليوم جمعية "النساء المتحررات" التى تهدف إلى مساعدة ضحايا الزواج القسرى، أو اللواتى يفرض عليهن الحجاب، وفى مقابلة مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، تقول إن سبب اختيارها هذا العنوان هو الكلام الذى وجهه لها طارق رمضان، حيث قال لها "انت تستحقين ما جرى لك، أنت لا ترتدين الحجاب وأثرت مشاعرى".

ويبدو أن هذه الكلمات شجعت هنده فيما بعد على تأسيس جمعية لمساعدة الأمهات اللائى يعشن وحدهن، بعد أن واجهن النبذ من قبل أزواجهن، وانتهت حياتهن بالطلاق والحرمان الاجتماعى، وكانت تستوحى فى ذلك تجربتها الشخصية والألم الذى قاسته بعد طلاقها.

الفكر الرجعى

ولدت هنده عيارى لأم تونسية وأب جزائرى، وعاشت تحت ظل الالتزام السلفى لـ 21 سنة منذ سن الثامنة عشرة تقريباً، قبل أن تقرر أخيراً التحرر، قبل حوالى عام، وتقول عن تجربتها السابقة مع السلفية: "كنت واحدة من الأحياء الموتى، فقد ساهمت السلفية فى تخديرى، إلى أن أفرجت عن نفسى من السجن الذهنى"، وأثناء تلك الفترة ترددت هنده على جماعة الإخوان المسلمين فى فرنسا، وغاصت فى الفكر الرجعى بشتى أشكاله إلى أن كانت لحظة اليقظة فى نوفمبر 2015 عندما وهى فى التاسعة والثلاثين من عمرها، عندما استيقظت على هجمات باريس، ووصفتها بأنها كانت "كما الصدمة الكهربائية" بالنسبة لها، التى شكّلت لها ردة فعل لمغادرة الحركات الإسلامية، ومن ثم كتابة قصتها.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز