البث المباشر الراديو 9090
د.رانيا أبو الخير
المحليات أو البلديات مصطلحات تستخدم للتعبير عن الشؤون دون الوطنية، بمعنى أننا حينما نستخدم هذا المصطلح نقصد به دراسة الواقع الداخلي في دولة من الدول على مستوى التقسيم الإداري المتبع لإدارة شؤون المواطنين في مختلف ربوع تلك الدولة.

وقد برز هذا المصطلح إلى الوجود مع بدء الدولة الوطنية وتشعبها وتوسع امتداداتها، بحيث أصبح من الأهمية بمكان أن تكون هناك متابعة لشؤون المواطنين وتلبية احتياجاتهم اليومية المتزايدة عددًا والمتباعدة مساحةً عن المركز أو عن العاصمة مركز الحكم.

ولكن رغم هذا ظل العمل المحلي أو البلدي أقرب إلى الارتباط بالمركز حتى برزت أهمية التوجه نحو اللامركزية لتخفيف الضغوط على مركز صنع القرار واتخاذه من ناحية، وسرعة تلبية احتياجات المواطن من ناحية أخرى، وهو ما سُمي في أدبيات الإدارة بالإصلاح المحلي، فعرفت الدول المجالس المحلية المنتخبة والإدارات المحلية التنفيذية لضبط الأداء وحوكمته بشكل يعزز مستواه ويحسنه.

ورغم ذلك أيضًا عرفت المحليات أو البلديات صور عديدة من الفساد الذي أفقدها دورها وأثر على الصورة العامة للأداء الحكومي، بما جعل الكثيرون يتحدثون عن كيفية إصلاح المحليات وتطوير أدائها، فانتقلت الدول من نظام حكم محلي إلى نظام الإدارة المحلية.

ومن دون الدخول في تفاصيل الفارق بينهما سواء على مستوى فلسفة الحكم أو الاختصاصات أو مستوى الأداء، يظل العنصر الأهم في كل النظامين هو الشفافية وسرعة أداء الخدمة من جانب الجهاز الإداري للدولة على مستوى الأقاليم أو المديريات أو المحافظات.

واليوم مع انطلاقة الجمهورية الجديدة، ذلك الشعار الذي رفعه الرئيس عبد الفتاح السيسي، نجحت الدولة على مدار العقد المنصرم من أن تحرز نجاحات عدة في تحويل هذا الشعار إلى واقع معاش في العديد من القطاعات المختلفة.

فلا يمكن لأحد أن ينكر ما تحقق من إنجازات اجتماعية ومعيشية للمواطنين بفضل برامج الحماية الاجتماعية، ولعل نموذج برنامج حياة كريمة دليلا قاطعا على هذا النجاح، فضلا عما شهده قطاع الإسكان والنقل والخدمات اللوجستية والاقتصاد وغيرها أعطت مؤشرات على نجاح المسيرة التنموية للدولة المصرية رغم كل التحديات الداخلية والخارجية المحيطة.

واستكمالا لهذه النجاحات تحتاج المحليات إلى رؤية جديدة تأخذ في اعتبارها مشكلات الماضي وإرثه، وتحديات الحاضر ومتطلباته، وبناء المستقبل واستحقاقاته.

فمع الحكومة الجديدة المنتظر تشكيلها خلال الأيام المقبلة، يبرز ملف المحليات ومحاربة الفساد داخلها في أولوية الملفات التي يجب العمل عليها في المرحلة القادمة حتى يشعر المواطن بقطار التنمية ويجني ثمارها، فتزداد معها قيم الانتماء والولاء، إذ يمثل موظفي المحليات خط التعامل الأول مع المواطن في مختلف المحافظات وكافة الأحياء، بما يفرض على المسئولين ضمان أداء هذا الموظف بكفاءة ونزاهة بعيدا عن كافة صور الفساد واشكالها.

خلاصة القول: إن الجمهورية الجديدة بفلسفتها المستقبلية، والحكومة الجديدة المنتظر تشكيلها، يجب أن تضع قضية المحليات وتطويرها وإصلاحها على أولوية جدول أعمالها في المرحلة المقبلة لضمان نجاح كافة المشروعات الطموحة في بناء دولة عصرية يحلم بها الجميع.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز