البث المباشر الراديو 9090
الدكتور شحاتة غريب
تتسابق دول العالم أجمع على استضافة أى حدث عالمى، يشارك فيه معظم دول العالم، وقد يصل الأمر فى هذه الدول إلى تشكيل لجان بالتعاون مع الأجهزة المعنية، للسعى بجدية من أجل تنظيم هذا الحدث، بهدف استثمار الموقف، والاستفادة من وجود قادة وزعماء الدول المختلفة، للتسويق الوطنى للمشروعات التى يمكن إقامتها وتنفيذها، وجذب المستثمرين للمساهمة فى تحقيق التنمية المستدامة، واكتساب الخبرات، من خلال توافد الخبراء في كافة المجالات، لتبادل الأفكار المبتكرة، والتى يمكن أن تعزز وتطور الصناعات المختلفة، بهدف خلق الآف فرص العمل، والقضاء على الأمية فى مجال الرقمنة والتكنولوجيا.

كما أن الأمر قد لا يتوقف عند هذا الحد، حيث يمكن أيضا الاستفادة من تنظيم الحدث العالمى على المستوى الدولي، من خلال حشد المجتمع الدولى لتأييد الموقف الوطنى تجاه قضايا معينة، سواء قد كانت إقليمية، أو دولية، وما أكثر القضايا التى تحتاج إلى مساندة دولية، وأن يقف المجتمع الدولى ضد أى محاولات، تستهدف خرق القواعد، والاتفاقات، وتهديد مستقبل حياة الشعوب.

لذلك يعتبر تنظيم مصر لقمة المناخ Cop 27 فى شرم الشيخ مكسبا عظيما للدولة المصرية، وبما يتماشى مع الرؤية المصرية 2030، وتعد فرصة كبيرة، لاستثمار وجود معظم قادة وزعماء الدول، والشخصيات رفيعة المستوى فى المنظمات الاقليمية والدولية، بهدف طرح القضايا المصرية على هامش هذه القمة، وبيان الرؤية المصرية تجاه هذه القضايا، وأن مصر لا ترغب سوى الحفاظ على أمنها القومي، وتحقيق التنمية الشاملة فى كل المجالات، مع الاعتراف بحق كافة الشعوب فى التنمية.

ولا ريب أن ذلك قد يوضح بجلاء عدالة الموقف المصري، وأن الدولة المصرية تكون دائما حريصة على حقوق الدول الأخرى فى تحقيق التقدم والازدهار، دون أن يمس ذلك بالحقوق التاريخية والمشروعة لمصر، وأن فكرة الخطوط الحمراء التى وضعتها مصر فى بعض القضايا الاقليمية، ليس المقصود منها هو تهديد الجيران، أو بعض الدول الأخرى، ولكن المقصود منها هو حماية الأمن القومى المصرى والعربي، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول.

فلا يقتصر استثمار تنظيم مصر لقمة المناخ على بيان الجهود التى بذلتها الدولة المصرية من أجل تقليل الانبعاثات الضارة التى قد تؤثر فى البيئة، ومن أجل تشجيع الاقتصاد الأخضر، وتنفيذ المشروعات الخضراء، والبحث عن الطاقات البديلة، ولكن يمكن أيضا استثمار هذه القمة كما ذكرت آنفا سياسيا، وسياحيا، من خلال الترويج للسياحة المصرية، والأماكن الأثرية المنتشرة فى معظم بقاع مصر، وخاصة أن مصر صاحبة تاريخ وحضارة، وتستحق أن تكون من أوائل الدول فى مجال السياحة، ولا شك أن كل ذلك يساهم فى تنفيذ الرؤية المصرية ٢٠٣٠م، لتحقيق كل أهداف التنمية المستدامة.

هذا هو ما ينبغى أن يكون، وما يحتم علينا جميعا أن نتجه نحو الاستثمار المفيد من عقد القمة فى مصر، ونستثمر فرصة وجود العالم كله فى شرم الشيخ، لنعلن للعالم أجمع أننا دولة مستقرة، وآمنه، وتفتح كل أبوابها لأى مستثمر، أو سائح، ليدخل مصر مطمئنا على نفسه، وعلى ماله، وأن وجوده فى أرض السلام، قد حقق له فوائد متعددة، تشجع غيره من دول العالم المختلفة أن يأتى إلى مصر دون أدنى تخوف، أو قلق، على مشروعاته التى ينفذها فى أرض الحضارة والسلام.

أما ما تدعوا له للأسف الشديد بعض الجماعات، أو الحركات، لنشر الفوضى، واستغلال قمة المناخ لتضليل قادة العالم حول حقيقة الموقف فى مصر تجاه بعض القضايا، إنها الانتهازية بكل صورها، وأشكالها، وليس مقبولا على الإطلاق، من أى جماعة، أو أى شخص، يتسم بأقل معانى الوطنية، أن يشوه صورة بلده، وينتهز وجود الآف الأشخاص من كافة دول العالم، لينقل صورة غير حقيقية عن بعض الأوضاع الداخلية، وبدلا من الاستثمار المفيد لوجود النخب من كل دول العالم، نستغل الفرصة، ونجعل من الانتهازية عنوانا لكل تصرفاتنا، كى نحقق أهداف وغايات أصحاب الأجندات المشبوهة، أيا كانت الوسائل، والطرق المتبعة، لتحقيق ذلك، لأن فكرة مشروعية الوسيلة ليست النهج المتبع لهذه الجماعات، طالما أن أهدافهم الخبيثة تتحقق على الأرض.

وما يثير الدهشة أن الطبيعى وفقا لما تعلمناه، من قيم وتقاليد نبيلة، وما سلكناه من عادات طيبة تميل إلى الستر، وعدم نشر الفتن، والصور المشوهة للوطن، يحتم علينا البحث عن حلول داخلية لأى قضية، وعدم الاستعانة بالخارج، والاستقواء به، ضد المصالح الوطنية، وعدم خلق الأزمات دون مبرر، وبدلا من المساهمة بإخلاص فى إيجاد الحلول لشتى المشكلات، نعقدها، ونزيد من الطين بله كما يقال.

وأقول كمواطن مصرى لدعاة الفوضى والتخريب: هل يكون من الوطنية استغلال قمة المناخ بكل صور الانتهازية، لتحقيق مآرب معينة؟ وهل يكون من الوطنية الاستقواء ببعض المنظمات الخارجية المشبوهة، لتشويه صورة الوطن؟ وهل تعتقدون أن الدعوة إلى الفوضى فى ظل وجود العالم كله فى مصر هى الحل لجذب الاستثمار وحل الأزمة الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟!

بالطبع تكون إجابة أى وطنى مخلص بالنفي، ولا يمكن أبدا استغلال قمة المناخ والاستقواء بالخارج، بل يجب أن نستبعد استخدام كل صور الانتهازية، وأن نسعى إلى استثمار القمة استثمارا مفيدا على المستوى السياسى، والاقتصادى، وفى كافة المجالات الأخرى، وأن نتعلم كيف نحقق الاستثمار المفيد عندما ننظم أى قمة عالمية، لأن الفائدة ستعود فى النهاية على كل مواطن، بدلا من المساهمة بغباء فى تحقيق أهداف أصحاب الأجندات المشبوهة، وبما لا يخدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفقا للرؤية المصرية 2030.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز