البث المباشر الراديو 9090
الدكتور شحاتة غريب
شهدت الأيام الماضية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى الصين، لحضور الجلسة الافتتاحية للمنتدى الصيني العربي، وتعزيزا للعلاقات الثنائية بين القاهرة وبكين، ولم تكن هذه الزيارة هي الأولى من نوعها، ولكنها تعد السادسة منذ عام 2014، إيمانا من القيادة السياسية المصرية بأهمية توطيد العلاقات مع الصين، باعتبارها من كبار الدول المهيمنة على الاقتصاد العالمي.

وفي حقيقة الأمر تعد زيارة الرئيس، إلى الصين خطوة إلى الأمام، وستحقق مصالح الدولتين، وقد كشفت كل النقاشات التي دارت بين الزعيمين المصري والصيني الستار حول بعض الحقائق المهمة، التي تبرهن على وحدة الرؤية المصرية الصينية بشأن العديد من الملفات، والقضايا الدولية بصفة عامة، وتلك التي تخص الشرق الأوسط والمنطقة بصفة خاصة.

ويمكننا التأكيد على هذه الرؤية الواحدة، وأن زيارة العاصمة بكين قد حققت العديد من المكاسب، على النحو التالي:

أولا: اتفقا الزعيمان على رؤية واحدة بشأن الحرب الوحشية في غزة، وأكدا على حتمية الوقف الفوري لإطلاق النار، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال قبول القصف العمدي لمخيم النازحين في رفح، وأن العمليات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في رفح، يجب أن تتوقف فورا، كما لا يمكن قبول التهجير القسري للفلسطينيين، وأن حل الدولتين هو الضمان الوحيد لتحقيق السلم والأمن في المنطقة.

وأشاد الزعيم الصيني بالدور المحوري، والريادي، الذي تلعبه مصر من أجل تحقيق الهدنة، وتيسير دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ثانيا: فيما يتعلق بدعم المصالح الحيوية للبلدين، أكد الزعيم الصيني على حق مصر في حماية أمنها المائي، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أكد على التزام مصر بمبدأ الصين الواحدة، وأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، وأن مصر ترفض كل أشكال التدخل الأجنبي في الشؤون الصينية.

ثالثا: تم عقد عدة اتفاقيات تعاون بين البلدين، لتعزيز التعاون في مجال الابتكار والتكنولوجيا، وضرورة وضع خطة التطوير المشترك لمبادرة الحزام والطريق، التي تعتبرها الصين أحد أهم مقوماتها الاقتصادية، كما جاء في دستورها.

وفي الواقع، يعد اشتراك مصر في مبادرة الحزام والطريق أمرا في غاية الأهمية، لأن ذلك سيساعد مصر على تحقيق رؤيتها بشأن التنمية المستدامة.

رابعا: أيد الرئيس عبدالفتاح السيسي المبادرات التي أعلنها الرئيس الصيني، كمبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، لأن كل هذه المبادرات قد تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية، وتدعم الأمن والأمان والاستقرار العالمي، وخلق الأجواء المناسبة لتبادل الرؤى والأفكار والثقافات بين الشعوب.

كما أن الزعيم الصيني، ثمن مبادرة حياة كريمة، التي أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، باعتبارها أحد أهم المبادرات التنموية على مستوى العالم.

خامسا: فيما يخص منظمة الأمم المتحدة، لقد أكدا الزعيمان على ضرورة الالتزام بالمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، ورفض المعايير المزدوجة في التعامل مع القضايا الدولية، وأهمية إصلاح المنظمات الدولية، لتكون أكثر نزاهة، ومصداقية، وعدالة، مع جميع الملفات، وعدم اتباع سياسة الكيل بمكيالين، لأن ذلك قد يؤدي إلى فقدان الشعوب الثقة في النظام العالمي.

سادسا: تم التأكيد على ضرورة تبادل الجهود بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، لأن تحقيق التنمية الشاملة لا يمكن أن يكون، إلا في ظل وجود بيئة آمنة، ومناخ مستقر، يساعد على جذب وتشجيع الاستثمار.

ولا ريب أن كل ما سبق ذكره من رؤى واحدة بين القاهرة وبكين، يؤكد بوضوح مدى الإحساس المشترك بالمسؤولية، تجاه كل ما يحدث على المستوى العالمي، وما يحدث أيضا على وجه التحديد في منطقة الشرق الأوسط.

كما أن كل ما تم الإشارة إليه من مواقف للزعيم الصيني مؤيدة لرؤية القيادة السياسية المصرية، يدل على ما تحتله مصر من مكانة دولية عظيمة، وعند جمهورية الصين الشعبية على وجه الخصوص، وذلك يعود إلى تمسك مصر بعدة ثوابت في السياسة الخارجية، ويأتي في مقدمتها عدم التدخل في شؤون الدول، واحترام حقوق الشعوب في التنمية، وأن تضمن لنفسها سبل الحياة الكريمة.

وأعتقد أن ما تحقق من نجاحات في زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للصين، يمثل خطوة جادة إلى الأمام، لأنه سيضمن لمصر مكانا متميزا في خريطة التكتلات الاقتصادية، التي تتم على مستوى العالم، ولا شك أن وجود مصر في هذه التكتلات، قد يساعد على تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الحياة الكريمة للمصريين.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز