البث المباشر الراديو 9090
الدكتور شحاتة غريب
اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الأسابيع الماضية، خطوة فى غاية الأهمية، تتعلق ببناء الجمهورية الجديدة، وأعلن حتمية الحوار الوطنى بين كل الأحزاب، والحركات السياسية، وأن تشارك معظم الأطراف المجتمعية فى هذا الحوار، لرسم ملامح المستقبل، والمساهمة الفعالة فى وضع خارطة طريق واضحة للجمهورية الجديدة، تعزز من توجه الدولة المصرية نحو تحقيق التنمية الشاملة فى كل المجالات، وضمان جودة الحياة لكل المصريين.

وانطلقت بالفعل خلال الأيام الماضية جلسات الحوار الوطنى، بحضور ممثلين لكل التوجهات، والأيديولوجيات السياسية، بحيث يصل لإدارة الحوار أصوات كل فئات المجتمع، أيا كان انتمائهم، ولكن للأسف قد حاول البعض تعطيل مسار الحوار، وعرقلة إعلان إشارة البدء لأولى جلساته، ووضع المعوقات، والصعاب، أمام مسيرته، والتشكيك فى مخرجاته، قبل أن يبدأ!

وإذا كنت أتفهم حق كل طرف فى عرض وجهة نظره، وحرية الرأى والتعبير، وإبداء الملاحظات بشأن قضية الحوار، إلا أننى لا أتفهم العمل على تعطيل الحوار، دون وجود مبررات لذلك، وبدلا من أن نعمل جميعا عملا سياسيا جادا، وأن نتواجد بين الناس، ومعرفة همومهم، ومطالبهم، نجد بعض المنتمين لبعض الأحزاب، يهتمون بمصالحهم الشخصية، ورؤيتهم، وعدم الأخذ فى الاعتبار رؤى الشعب المصرى، ونظرته للمستقبل، وأين سيكون مكانه فى الجمهورية الجديدة؟!

وللأسف قد وضع البعض شروطا مسبقة لبدء فعاليات الحوار، واتخذ من عبارة " سجناء الرأى" ذريعة لتحقيق أهدافه، ومآربه، لتعطيل الحوار، ومما لا شك فيه أن ذلك قد يصب فى مصلحة أصحاب أجندات أخرى مشبوهة، قد تنال من وحدة الشعب المصرى، واستقرار مصر، وهدم أى محاولة تسعى إلى بناء حوار وطنى مخلص، ينقذ الحاضر من ويلات الانقسام، ويبشر بمستقبل قادم يحمل كل الخير لجميع المصريين، لأن عدم السعى لبناء حوار وطنى جاد، سيترتب عليه عواقب وخيمة، قد يتأثر بها كافة أطراف المجتمع، دون تفرقة بين المعترضين أو المؤيدين للحوار!

وجدير بالتوضيح أن قضية سجناء الرأى الوهمية، التى يتحدث عنها البعض دون إدراك لنتائج ذلك، لا يمكن التسليم بوجودها، لأن ما ينبغى أن يكون هو عدم وضع أى شخص فى السجن، الا تنفيذا لعقوبة معينة، عندما يكون مرتكبا لجريمة يعاقب عليها القانون، ولا يمكن لأى نظام أن يجعل من واقعة معينة جريمة، إلا إذا نص على ذلك قانون العقوبات، كما أن العقوبة تكون أيضا مقررة بنص، ولا يمكن أن يتم توقيع أى عقوبة بطريقة عشوائية، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وفقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، الذى نص عليه الدستور المصرى!

وقبل إثارة قضية العفو عن سجناء الرأى من قبل البعض، فإن الدولة المصرية قد أولت اهتماما خاصا بهذه القضية، وتم وضع ضوابط معينة فى هذا الشأن، وأخذت القيادة السياسية على عاتقها مهمة العفو الرئاسى عن بعض السجناء، وفقا لمعايير معينة، وحسب ما يحقق الصالح العام، وطبقا لقوائم الأسماء التى تعدها اللجنة المعنية بذلك، مما يؤكد أن الدولة المصرية تكون جادة، وحسنة النية، وصادقة، فى عرض رؤيتها، عكس بعض المدعين، الذين لا يعرفون إلا طريق التشكيك، فى أى إنجاز يحدث على أرض الواقع، أيا كان نوع هذا الإنجاز!

وتجدر الإشارة إلى أن جلسات الحوار الوطنى قد بدأت بقوة، وبشفافية، وبنزاهة، استنادا إلى الدعم غير المحدود من القيادة السياسية لإدارة الحوار، وأن تتم هذه الجلسات وفقا لمنهج سليم، وأن يصل أطراف الحوار إلى مخرجات تحقق وحدة الوطن، والسلام الاجتماعى، والحياة الكريمة لكل المصريين، وعدم إعطاء الفرصة للمتربصين، والمتآمرين، فى تحقيق غايتهم غير المشروعة، التى تريد الهدم وليس البناء، وتريد إحداث البلبلة، وعدم الاستقرار، وزيادة المشكلات المجتمعية، بدلا من العمل على حلحلة هذه المشكلات، وإقامة جسر من الأمن، والأمان، والطمأنينة، للعبور بالوطن نحو شاطئ الأمل، وتحقيق الطموحات، فى الجمهورية الجديدة!

ولكن للأسف الشديد وجدنا قيام البعض بإصدار البيانات التى تشكك فى جدوى الحوار الوطنى، وإثارة بعض القضايا التى خطت فيها الدولة المصرية خطوات عظيمة، كقضية العفو عن بعض السجناء، وفقا لضوابط معينة، كما أوضحت ذلك آنفا، كما أن بعض الأحزاب قد اعترضت على وجود بعض الشخصيات التى تقود الحوار فى بعض المجالات، دون تقديم ما يبرر ذلك!

وما يلفت النظر فى هذا الصدد، أننا نتحدث عن حوار، وضرورة لم الشمل، وعدم إقصاء أى شخص من الحوار، طالما أنه لم يرتكب جريمة فى حق الوطن، لكننا نجد البعض يتجه عكس ذلك، ويطالب بإقصاء بعض الشخصيات، رغم عدم ارتكابهم لأى جريمة يعاقب عليها القانون، ويطالب فى ذات الوقت بإخلاء سبيل بعض السجناء المرتكبين لجرائم فى حق الوطن!

ولذلك أوجه ندائى لكل المصريين، بألا يستمعوا إلا لأصوات بناء الحوار، وللشخصيات التى تريد حقا أن تفعل شيئا إيجابيا من أجل الوطن، وأؤكد أن العمل على نجاح الحوار يكون مهمة وطنية، يجب أن يقوم بها الجميع، وعلى المعترضين على صورة معينة، أو شكل معين من أشكال الحوار، أن يعرضوا رأيهم بكل حرية، ويكونوا على ثقة بأن الدولة المصرية تسمعهم، وتأخذ مطالبهم بعين الاعتبار، طالما أنها تصب فى صالح المواطن المصرى، وتحقيق التنمية الشاملة، وليعلم الجميع أن قضية الحوار لا تخص فئة أو حركة معينة، بل تخص كل المصريين، وهو ما يحتم علينا جميعا أن نأخذ بحذر أى دعوات تنادى بتعطيل الحوار، وأن ندعم وبقوة القيادة السياسية فى طريقها نحو الجمهورية الجديدة.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز