البث المباشر الراديو 9090
العلاقات المصرية الإفريقية
تجّلت مصر على التاريخ والجغرافيا بدولتها القوية الراسخة منذ فجر التاريخ، فكانت لاعبًا أساسيًا في أمان واستقرار ورخاء جيرانها، لا سيما أبناء القارة السمراء، وعلى الرغم من تراجع العلاقات المصرية الإفريقية في عهد الرئيس الأسبق مبارك، وتحولها إلى نقطة ضعف قوية، إلا أن الإدارة المصرية بدأت عهدًا جديدًا لاعادة هذه العلاقات إلى قوتها ومساحتها الواعدة منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام الأمور في 2014.

ومنذ ثورة 30 يونيو، أصر الرئيس عبد الفتاح السيسي على بدء عهد جديد لاستعادة الدور المصري في إفريقيا، بعقيدة راسخة مفادها أن الأمن القومي المصري يتحقق بتأمين امتدادها الإفريقي، ومد يد العون لجيران القارة السمراء من أجل الوصول لحقهم في الأمن والتنمية.

ولم يكن الأمر سهلاً، خصوصا بعدما تحولت القارة الإفريقية إلى ساحة منافسة بين قوى تقليدية كبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وأخرى جديدة مثل الصين وتركيا وإسرائيل، خصوصا بعد تراجع اهتمام مبارك بالامتداد الإفريقي عقب محاولة اغتياله في إثيوبيا، لدرجة أنه غاب عن أغلب القمم الأفريقية التى عقدت عقب محاولة اغتياله، فما كان إلا غياب الدور المصري عن قضية انفصال جنوب السودان، وظهور أزمة سد النهضة، التي تمس الأمن المائي المصري بشكل مباشر.

قمة الاتحاد الإفريقى

خبرات مصرية في خدمة إفريقيا

ومن هنا، بدأت الإدارة المصرية في عهد الرئيس السيسي بالتعامل مع مشاكل إفريقيا من خلال الخبرات والإمكانيات المصرية المتعددة، لاسيما الخبرات الأمنية في مكافحة الإرهاب الذي بات يهدد آمن الشعوب الإفريقية على نحو غير مسبوق، لتبدأ مبادرات مصرية في تحقيق الأمن والتنمية على أرض بلدان القارة المظلومة، وكان أبرزها مبادرة "إسكات البنادق" التي أعلنها الرئيس السيسي في القارة السمراء.

وانطلقت مصر السيسي في مسارات التعاون الشامل مع بلدان إفريقيا، وأهمها القضاء على الإرهاب ليكون ذلك بداية الانطلاقة نحو التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية في إفريقيا، فكانت الخبرات المصرية في هذا المجال حاضرة لخدمة شعوب إفريقيا.

وسام القديس جورج

وبالرغم من التحديات الصعبة التي واجهت مصر في العشرية السوداء، إلا أنها تمكنت من استعادة دورها في إفريقيا، الأمر الذي تُوج برئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، وحصول الرئيس السيسي على وسام القديس جورج تقديرًا لجهوده في صنع السلام في إفريقيا.

الرئيس السيسى يتلقى وسام سان جورج

السيسي يترأس الاتحاد الإفريقي

وفي 2019، انتخبت دول إفريقيا مصر رئيسًا للاتحاد الإفريقي، تقديرًا لدورها في تنمية القارة منذ عام 2014، فكان ذلك بمثابة طفرة كبيرة في العلاقات المصرية الإفريقية بعد تعليق عضوية مصر في عضوية الاتحاد الإفريقي بعد يونيو 2013، لحين استعادة الوضع الدستوري.

وتمثلت رؤية الرئيس السيسي في أن تحقيق السلام والأمن والتنمية من أهم الطرق لمجابهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إفريقيا، وأن مصر تسعى بكل الجهد لإقامة المشروعات التي تحقق التنمية الشاملة في القارة واستغلال طاقات الشباب الكامنة.

قمة الاتحاد الإفريقى

19 زيارة إفريقية و28 منتدى

وحرص الرئيس السيسي على استعادة مصر لدورها الفاعل في إفريقيا، فكان الأحرص على حضور القمم والمؤتمرات الإفريقية، ومثل حضوره في القمة الإفريقية بدولة غينيا نقطة تحول مهمة في العلاقات المصرية الإفريقية.

79 زيارة خارجية

وفي الفترة من 2014 حتى 2019 قام الرئيس السيسي بـ 79 زيارة خارجية، من بينهم 19 زيارة لإفريقيا، كما شارك فيما يزيد على 28 منتدى وقمة إفريقية، كما تولى منصب منسق لجنة رؤوساء الدول الإفريقية المعنية بتغير المناخ في يناير 2015، ورئاسة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة من 2014 حتى 2016، ونائب رئيس لجنة التوجيه للجنة النيباد في 2015.

كما أولت السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس السيسي، قضية السلم والأمن في إفريقيا أهمية على العديد من المستويات.

مشاركة الرئيس فى قمة الاتحاد الإفريقى التنسيقية بنيروبى

محاربة الفساد والتعاون الأمني

واعتمدت مصر السيسي استراتيجية واضحة في إفريقيا، أساسها الأمن والتنمية، فأطلقت مصر الكثير من المبادرات والمشروعات مع دول القارة السمراء، تشمل التعليم والصحة والإصلاح الإداري، ومحاربة الفساد والتعاون الأمني والتدريب العسكري والاقتصاد، وكذلك إعادة صياغة واسعة لمؤسسات الدولة، بتخصيص قطاع للشؤون الإفريقية في معظم الوزارات والمؤسسات الحكومية، واستحداث لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، وإنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، لتكون آلية لدعم القدرات البشرية الإفريقية.

وانطلقت مصر في خطتها لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في إفريقيا، عبر توفير فرص العمل للشباب الإفريقي وتطوير منظومة التصنيع والزراعة لتحقيق الأمن الغذائي، والعمل من أجل التكامل الاقتصادي، بتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة لتنفيذ المشروعات الخاصة بالبنية التحتية في إفريقيا، والتعاون مع الشركاء، والتواصل الحضاري والثقافي.

إعادة التنمية والإعمار بعد النزاعات

أما على مستوى جهود مصر لتحقيق الأمن والسلم في إفريقيا، ففي فترة تولي الرئيس السيسي لرئاسة الاتحاد الإفريقي، أطلق "مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة التنمية والإعمار بعد النزاعات" لمكافحة الإرهاب واستخدام الوساطة في فض النزاعات، وأطلقت الخارجية المصرية منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة في 2019.

مصر شريك عمليات حفظ السلام

وأصبحت مصر سابع أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام على مستوى العالم، والدولة العربية الأولى التي تساهم في هذا المجال، لتشكل ركيزة أساسية في حفظ الأمن والسلم في إفريقيا.

كما أولى السيسي ملف التنمية وإعادة الإعمار في إفريقيا حيزًا كبيرًا من العمل منذ 2014، فانطلقت مصر بمشروعات جبارة من أجل التنمية على أرض إفريقيا، مثل إنشاء السدود والطاقة المتجددة.

قوات حفظ السلام المصرية

2.9 مليار دولار مشروعات في إفريقيا

وفي تصريحات إعلامية سابقة، كشف المهندس محسن صلاح، رئيس شركة المقاولون العرب السابق، عن حجم التعاقدات بشركة المقاولون العرب داخل دول إفريقيا، مؤكدًا أنها وصلت لـ 2 مليار دولار، بالإضافة إلى سد تنزانيا الأخير الذى تم إسناده لشركة المقاولون العرب بقيمة 2.9 مليار دولار.

ربط مدن إثيوبيا وموانئ كينيا

كما أشار إلى أن الشركة انتهت من أعمال مشروع إعادة تأهيل طريق آجريماريم-يابللو بإثيوبيا، والذى يبلغ طوله 95.5 كم، ويربط بين مدينتى أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، ومومباسا ثانى أكبر مدن كينيا ومينائها الرئيسي، ويعد جزءاً من الطريق بين القاهرة وكيب تاون فى جنوب إفريقيا بتكلفة حوالى 55 مليون دولار، وتقوم الشركة حالياً بتنفيذ مشروع آخر بإثيوبيا وهومشروع إعادة طريق يرجا تشيفى-آجريماريم بطول 72 كم بتكلفة 65.5 مليون دولار.

مشروعات مصرية فى دول حوض النيل

مصر تحوز 67% من التعاقدات في 3 دول

كما تعد دول نيجيريا وغينيا وتشاد من أكبر الدول التى حصلت فيها المقاولون العرب على العديد من المشروعات، والتى تمثل حوالى 67% من إجمالى التعاقدات.

ومن أبرز المشروعات التى تنفذها الشركة المصرية داخل هذه الدول هى "طريق اويرى ايليلى"، بطول حوالى 35 كم، وقيمته 70 مليون دولار أمريكى، وازدواج طريق انوجو بورت هاركوت بطول 56.10 كم وقيمته حوالى 166 مليون دولار أمريكي، وإنشاء البنية التحتية لمنطقة ويى السكنية (مشروعات مياه وصرف صحى ) بقيمة إجمالية 141 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى مجمع الحكومات والتى انتهت الشركة منه بقيمة حوالى 44.6 مليون دولار أمريكي.

تطوير الطرق والقرى والمدن في غينيا

كما وصل إجمالي المشروعات التي تنفذها مصر في دولة غينيا الاستوائية إلى 363 مليون دولار، منها شبكة الطرق الداخلية لمنطقة سيمو (مرحلة أولى وثانية) بإجمالى قيمة حوالى 90 مليون دولار أمريكي، وتطوير حضرى لعدد 6 قرى بإجمالى قيمة 43 مليون دولار أمريكي، وطريق الأوزك-أكاسى-بطول 60كم وقيمته 111 مليون دولار أمريكي، وطريق بمدينة امبينى بطول 11كم وقيمته 42 مليون دولار أمريكي، وأعمال مبانى بمدينة مونجومو بإجمالى قيمة 77 مليون دولار أمريكي.

تكريم المقاولون العرب بدولة تشاد

كوبري وقرية بضائع بأيادي مصرية

وداخل كوت ديفوار، نفذت شركة المقاولون العرب مشروع تطوير وتوسعة قرية البضائع، وملحق 2 بمطار ابيدجان، وذلك بهدف تطوير قرية البضائع والمبانى الخدمية الملحقة بها والمبانى الإدارية والطرق، إضافة إلى تنفيذ كوبرى جاك فيل، الذى يربط الكوبرى بين سواحل كوت ديفوار ومدينة جاك فيل، التى تقع فى إحدى الجزر، وتعد إحدى كبرى المدن فى دولة كوت.

مشروعات إفريقيا القومية بأيادي مصرية

شهدت المشاريع المصرية في القارة الإفريقية منذ 30 يونيو حالة ممنهجة تتفق مع توجهات الدولة، وليست جهودًا فردية كما كان في السابق، وفي بعض الأحيان كانت الحكومة تتدخل مع القطاع الخاص للفوز بمشاريع معينة في القارة لدعم القطاع الخاص المصري ودعم التنمية في دول القارة الإفريقية، وتمثتل أبرز المشروعات:

سد ومحطة نيريري للكهرباء: تقع بمنطقة ستيجلر جورج في تنزانيا، بالتعاون بين شركة المقاولون العرب وشركة السويدي للكابلات والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

سد تنزانيا

مشروع "القاهرة - كيب تاون"

ويربط هذا المشروع دول شمال أفريقيا بدول الجنوب، ويبدأ من مصر حتى جنوب إفريقيا مرورا بـ 7 دول أخرى، بالإضافة إلى مشروع الربط الكهربي بين أفريقيا وأوروبا، هو مشروع يستهدف ربط مصر بدول القارتين الأفريقية والأوروبية، ويتضمن مشروع للربط الكهربائي بين مصر والسودان بقدرة 300 ميجا وات، والربط مع شبكة كهرباء إثيوبيا ضمن مشروع ربط دول حوض النيل، بالإضافة لربط سد أنجا في الكونغو بالسد العالي، مما سيسهم في جعل مصر محورًا لنقل الطاقة الكهرومائية بين الدول الأفريقية وأوروبا.

مصر صوت إفريقيا القوي في المحافل الدولية

والأهم أن مصر كانت صوت إفريقيا العالي والقوي بين دول العالم وفي المحافل الدولية، فاتخذ الرئيس السيسي خطوات واسعة من أجل إعلاء مصلحة إفريقيا، وتغيير وجهة نظر العالم كله تجاه القارة، مؤكدًا أن الأفارقة شركاء في التنمية، بل وسعى إلى تعزيز التعاون بين إفريقيا ودول العالم المتقدم، على أسس الاقتصاد المتساوي، دون السماح بنهب موارد القارة البكر.

وشارك الرئيس السيسي في العديد من القمم الدولية من أجل إعلاء صوت إفريقيا وشعوبها المظلومة، متحدثًا عن هموم أبنائها، ولعل أبرز هذه المؤتمرات كان مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا من أجل السلام في إفريقيا، وقمة التيكاد في طوكيو، وقمة السبع في باريس وقمة التعاون بين مجموعة العشرين وغيرها من القمم الدولية.

كذلك، كانت أزمة فيروس كورونا كاشفًا لصدق النوايا المصرية تجاه أشقائها الأفارقة، فمنذ ظهور "كوفيد 19" لم تغلق مصر على نفسها، فوضعت إنقاذ شعوب إفريقيا هدف أمام أعينها، وقاد الرئيس السيسي سلسلة قمم عبر الفديوكونفرانس من أجل وضع استراتيجية لمحاربة فيروس كورونا المستجد، ومن بينها تخفيف أعباء الديون على الدول الأفريقية ودعمها اقتصاديا وتوفير اللقاحات لأبنائها.

القمة الإفريقية الأوروبية

100 مليون صحة في إفريقيا

وكان مجال الصحة مثالاً قويًا على صدق الإخاء الذي اتخذته مصر تجاه أشقائها الأفارقة، فوسعت من عمل حملة 100 مليون صحة لتشمل أبناء القارة السمراء، بعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل عامين مبادرة لعلاج مليون إفريقي في دول جنوب السودان وتشاد وإريتريا من فيروس سي، وقد تم بالفعل الكشف عن الآلاف الأفارقة ضمن المبادرة.

وتشهد السنوات الماضية منذ ثورة 30 يونيو 2013، بما حققته العلاقات المصرية الإفريقية من تطور كبير، على الصعيد الأمني والتنموي والسياسات الاستراتيجية ومجابهة الضغوط العالمية.

100 مليون صحة

المستبصر للأحداث يتأكد بلا شك أن ثورة 30 يونيو وتولي الرئيس السيسي لزمام الأمور كان البداية الحقيقية لكتابة عهد جديد من العلاقات المصرية الإفريقية، إذ سارت مصر قدماً فى استعادة دورها المحورى داخل القارة السمراء بعد عقود من الإهمال والتهميش، سواء كان عن عمد أو غير عمد، ولا شك أن الإدارة المصرية تؤمن في ثوابتها الراسخة أن إفريقيا امتداد الأمن القومي لأرض الكنانة،

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز