البث المباشر الراديو 9090
د.رضا أمين
لم تعد وسائل الإعلام الآن مرآة فقط تعكس الواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي في المجتمع، بل إن لها دورًا مهمًا في بناء الوعي وتشكيل اتجاهات الجماهير، وهي حائط صد أمام كل محاولات التحريف والتشويه وتزييف الحقائق، لذا فإن الحديث عن أهمية المؤسسات التي تشرف على وتنظم العمل الإعلامي- خاصة بعد إلغاء وزارة الإعلام - يأتي ضمن هذا السياق.

ووفقًا للمادة 211 من الدستور المصري فإن الجهة المشرفة على تنظيم المؤسسات الإعلامية هي: المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وهيئتين هما: الهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة.

ونصت المادة على: "أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري، وموازنتها مستقلة، ويختص المجلس بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها.

ويكون المجلس مسؤولًا عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية، ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحافية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي، وذلك على الوجه المبين في القانون.

ويحدد القانون تشكيل المجلس، ونظام عمله، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيه، ويُؤخذ رأى المجلس فى مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عمله.

وهذه المادة الدستورية تحدد إلى حد كبير طبيعة عمل هذه المؤسسات، وتضمن إيجاد بيئة إعلامية صحية تتسم بالاستقلالية والحياد لضمان تقديم خدمات إعلامية ومعرفية مناسبة ومتميزة تتناسب مع الإرث الكبير للإعلام المصري الذي ظل لعقود نموذجا يتلمس الأشقاء خطاه ويحذون حذوه.

ومع توارد الأخبار عن تولي الأستاذ ضياء رشوان مهمة رئاسة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فإن هذا الأمر يأتي في إطار تجديد دماء هذه المؤسسة بعد انتهاء الأربع سنوات التي قضاها كرم جبر في هذا الموقع، فلدى رشوان خبرات طويلة من العمل الصحفي والإعلامي فهو نقيب سابق للصحفيين، كما أن دوره في الهيئة العامة للاستعلامات وأداؤه الإعلامي أثناء أزمة الحرب على غزة ودوره كمنسق عام للحوار الوطني تجعله قادرا على قيادة المجلس وتفعيل دوره في الحفاظ على المكتسبات الإعلامية القومية وتطوير بيئة العمل الإعلامي بكل قطاعاته في مصر.

وكذلك فإن الدكتور طارق سعدة، المرشح لتولي الهيئة الوطنية للإعلام، لديه أيضًا من الخبرات والرؤى ما يمكنه من القراءة الدقيقة لخريطة الإعلام المرئي في مصر، فهو ابن من أبناء ماسبيرو ونقيب الإعلاميين، ولديه رؤية واضحة عن ما ينبغي أن يتم عمله في المرحلة المقبلة، فهو ليس فقط إعلامي ولكنه مشتبك مع القضايا الفكرية والثقافية ومشارك في كثير من فعالياتها، وبالطبع فإن أمامه الكثير من التحديات والصعوبات، حيث إنّ حال ماسبيرو لا يسر أحدا، ويحتاج لخطة نهضوية وتصحيحية شاملة تتقاطع مع الظروف والتحديات التي تمر بها المنطقة، ولا تتجاهل الإرث الإعلامي الكبير والريادة الإعلامية التي اتسمت بها مصر – ولا تزال – في كثير من القطاعات.

أما الهيئة الوطنية للصحافة التي تشير الأخبار لاستمرار المهندس عبد الصادق الشوربجي في رئاستها، فإن التحديات التي تواجه المؤسسات القومية الصحفية لا تقل عن التحديات المماثلة في قطاع الإعلام المرئي والمسموع والرقمي، فهناك ملفات مهمة كتحول المؤسسات رقميًا، والبحث عن موارد بديلة وتنميتها، وتحسين أحوال الصحفيين والعاملين بهذه المؤسسات كلها ملفات تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود، وتبادل الخبرات بين المؤسسات القومية والخاصة، ونقل واستنساخ التجارب الناجحة، لضمان تميز هذه المؤسسات وتكيفها مع معطيات الواقع الصحفي والإعلامي، وكل الأمنيات بالتوفيق للمجلس والهيئات المنظمة للعمل الإعلامي لتحقيق الغايات التي أنشأت من أجلها لتكون شاهدة ومشاركة في المرحلة الراهنة والمهمة من العمل الوطني في ظل التحديات المتلاحقة في الداخل والخارج. 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز


اقرأ ايضاً