البث المباشر الراديو 9090
حسام الدين الأمير
تؤكد المأثورات في الحياة أن كل شيء يبدأ بالوعي، ولا قيمة لشيء من دونه، وأن الأزمة الحقيقية هي أزمة الوعي والثورة الحقيقية هي ثورة الوعي، وهو ما كانت تسعى إليه الدولة المصرية خلال السنوات الماضية وفي مقدمة الكل القيادة السياسية التي تنادي دومًا بضرورة قيادة مؤسسات الدولة لمعركة الوعي، وأن يكون هناك إدراك بفكرة الوعي الجمعي، وكان الجميع يرى أنَّ الإعلام في المقدمة ومن بعده الفن وجميع أدوات القوى الناعمة هي التي لابد أنَّ تقود معركة وصحوة الوعي.

والبداية في قيادة معركة الوعي كانت في الفصل العاشر من الدستور المصري الخاص بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والمواد 211 و212 و213 والخاصة بصلاحيات وتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام وجميعها هيئات مستقلة معنية بتطوير الأداء المهني للصحافة والإعلام والحفاظ على أخلاقيات المهنة ومقتضيات الأمن القومي وتساهم بشكل كبير في إدارة معركة الوعي. 

وجاء الإعلان خلال الساعات الماضية عن إعادة تشكيل الهيئات الإعلامية الثلاثة، ليخلق نوع من الارتياح والقبول داخل كل الأوساط الإعلامية والصحفية ولدى الشارع الذي ينتظر بعد تشكيل الحكومة الجديدة والإعلان عن التغيرات الواسعة في حركة المحافظين أن نكون أمام ما يسمى حكومة "إدارة الجمهورية الجديدة"، وكل هذه الإجراءات لن تتناغم ولم يكتب لها الإعلان الحقيقي دون هيئات إعلامية واعية تطور من أدواتها ومضمون رسالتها.

وتردد حتى الآن عن اختيار اسم الكاتب الصحفي الكبير ضياء رشوان رئيسا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كما تردد أنباء في الأوساط الإعلامية عن تعيين المهندس عبد الصادق الشوربجي رئيسا للهيئة الوطنية للصحافة، والدكتور طارق سعدة رئيسا للهيئة الوطنية للإعلام، لتكمل الشكل الحضاري المختلف والمطلوب في إدارة عملية الوعي المطلوب في الجمهورية الجديدة.

وينتظر الشارع بعد الإعلان الرسمي عن الأسماء التي ستتولي هذه الهيئات الموقرة أن يكون هناك إعادة صياغة للرسالة الإعلامية التي يحتاجها الشارع وتناسب كل فئاته، ويرى الجميع أنَّ الأسماء التي ترددت في الأوساط الصحفية والإعلامية حتى الآن والمزمع توليها هذه المسؤولية قادرة على إدارة معركة الوعي الفترة المقبلة، وهي الفترة الحرجة من عمر البلاد نظرًا للأزمات العالمية التي تقود العالم وتنعكس تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على مصر، هذا بخلاف الإشكاليات الكبيرة الموجودة في الشارع والتي تحتاج إلى نقل حقيقي للرسالة الإعلامية والتوعية ورفع وعي المواطن بكل ما يدور حول الدولة المصرية داخليًا وخارجيًا، وهنا يرى الجميع أن اسم رشوان والشوربجي وسعدة أسماء وطنية لديها خبرات عملية في تخصصاتها الإعلامية وعلى دراية كافية بالملفات المتعلقة بدولاب عملهم. 

وإلى حين الإعلان الرسمي عن الأسماء التي ستتولى الهيئات الإعلامية يرى الشارع أنَّ هذه الأسماء والهيئات مطالبة على وجه السرعة بوضع الضوابط الأخلاقية والمهنية للممارسات الاعلامية والصحفية، وأنَّ يكون هناك تغيير حقيقي في الرسالة الموجهة للجمهور خصوصًا، وأنَّ إنجازات الدولة المصرية في حاجة إلى إبراز واضح لكافة الجهود المبذولة والتي تشارك في بنائها جميع أطياف الشارع المصري، هذا بخلاف زيادة جرعة الوعي الجمعي عند المواطن وأن يكون هناك مكاشفة ومصارحة لرجل الشارع البسيط بكل المؤامرات التي تحيط بالدولة المصرية ومطالبته بأن يكون شريك في البناء، وأن يكمل مع الدولة المشوار الذي بدئه معها منذ 11 عامًا في التنمية والاستقرار.

ومطلوب من هذه الهيئات أيضًا إعمال مواد الدستور فيما يتعلق بعملها ومنها منع الممارسات الاحتكارية ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحفية والإعلامية ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها ومقتضيات الأمن القومي. 

ويرى الشارع أنَّ الأسماء التي تتردد في الأوساط الصحفية والإعلامية حتى الآن، والخاصة بتولي هذه الهيئات لها من التاريخ المهني والعملي ما يؤهلها أن تكون حائط الصد بأفكارها لكافة المخططات التي تحيط بالدولة المصرية وأنَّ تكون عنصر الأمان في محتوى ومضمون الرسالة الإعلامية الموجهة للداخل المصري والرد على الإعلام الخارجي بكافة مخططاته الرامية إلى تشكك المواطن في مقدرات دولته، وأنه بات على هذه الهيئات الإعلامية بعد إعادة تشكيلها المساهمة في إعادة بناء الشخصية المصرية القوية السوية القادرة على مواجهة كافة التحديات، وأن تُسهم هذه الهيئات في بناء الإنسان المصري الذي يُعد المساهم الرئيسي في بناء الجمهورية الجديدة، كذلك التصدي لكل محاولات تزييف الوعي المجتمعي والاستقطاب الفكري والشائعات المغرضة وحروب الجيلين الرابع والخامس التي تستهدف قطاع كبير من الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية وكذلك التصدي للأفكار المتطرفة وتعزيز المواطنة وتوعية المواطنين بكل المخاطر والتهديدات.

وبات علينا هنا أنَّ نسترجع حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن الوعي عندما قال: "القضية الأهم في البلاد هي قضية الوعي بمفهومها الشامل وعلينا إعادة صياغة فهمنا للمعتقد الذي نؤمن به".

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز