البث المباشر الراديو 9090
غادة البدوي
لا شك أن 30 يونيو، ثورة التغيير والانطلاق نحو المستقبل فى كافة قطاعات الدولة المصرية، بل الانتصار لكرامة المواطن المصري وهويته بالحفاظ على مقدرات الوطن والعمل على الارتقاء بحياته المعيشية واستعادة ريادة بلده من جديد، فهل يستطيع أحد أن ينكر ما حققته مصر 30 يونيو على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية في ظل عالم يموج بالمتغيرات والصراعات والنزاعات.

 

وها هى ذكرى ثورة 30 يونيو تحل فى ظل ظروف دقيقة وتحديات ضخمة وجسيمة تواجهها الدولة المصرية وفي ظل توترات دولية وإقليمية وما تشهده المنطقة من أحداث وتداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، وتداعيات حرب غزة وما يحدث في الإقليم من توترات في ظل عدوان إسرائيلي غاشم وحكومة متطرفة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وتحقيق مخططاتها الخبيثة، لنتذكر جميعا دورها وعظمة ما حققته على أرض الواقع.

ليكون السؤال الكبير.. ماذا لو لم تكن ثورة 30 يونيو؟
ببساطة من يتتبع ما يحدث وما يدور في العالم يجد أن ثورة 30 يونيو كانت بمثابة عٌنق الزجاجة لمصر والمصريين، لذا فهي تعد الأعظم والأكبر في تاريخ الإنسانية، حيث قدم المصريون أروع المُثل للعالم كله في كيفية الحفاظ على الهوية الوطنية، وفي التلاحم بين الشعب والقيادة السياسية والمتمثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسي، فهنيئا لجموع المصريين والرئيس السيسي والمؤسسات الوطنية بمناسبة حلول الذكرى الحادية عشر لثورة 30 يونيو المجيدة، تلك الملحمة الوطنية التي تُدرس للأجيال، والتي ضربت أروع الأمثلة في الثبات والعزيمة للحفاظ علي الوطن من جماعة إرهابية استباحت مقدرات الوطن يوما ما، والتف حولها قوى الشر لمساعدة تلك الجماعة للنيل من مصر والإيقاع بها في الفخ مثلما حدث في بلدان أخرى كما كان مخططا لها من قبل.

ومن المهم أن نتذكر ونحن نحتفل بذكرة 30 يونيو، أن نعلم أن مصر دشنت الجمهورية الجديدة بهدف بناء الإنسان والدولة معا في ظل تحديات تحاك ضد الدولة المصرية والتي جعلت الدولة وسط حزام من النار، لكن بفضل هذه الثورة وبفضل حنكة الرئيس السيسى استطاعت مصر تجاوز كل هذه الأزمات والعبور لبر الأمان، رغم أن هناك إشكاليات كبرى وأزمات متعددة متراكمة عبر عقود من الزمن كانت بمثابة عائق كبير أمام مسار الاستقرار والتنمية.

وبما أن محور التنمية المستدامة محور مهم فى الحفاظ على الأمن القومى لأى دولة، ودونه لم تستطع أي دولة التقدم نحو الأمام، لذا حرصت مصر 30 يونيو بكل قوة وإصرار، على تحقيقه في ظل محاربتها للإرهاب، وتثبيت أركان الدولة، وفى ظل قيادة حرب ضد المتطرفين من أجل البقاء، فلم تهمل التنمية بل اعتمدت عليها كسلاح مهم وفعال في محاربتها للإرهاب، لنكون أمام معجزة اقتصادية وسياسية وتنموية.

وأجمل ما في مصر 30 يونيو، أن الشعب كان البطل، وذلك بالاصطفاف خلف القيادة السياسية وتحمل الكثير من الأعباء والظروف والتحديات، وعدم الوقوع في فخ التفتيت والتفريق والإحباط، خاصة أنه كان هناك حرب شرسة من قبل قوى الشر في الداخل والخارج تستهدف عموم المصريين بتوظيف كافة الوسائل والأسلحة وعلى رأسها سلاح الشائعات وتوظيف السوشيال ميديا والإعلام الجديد، لكن إدراك الشعب المصرى ما يحدث وثقته في قيادته السياسية أفشل بجدارة تلك المخططات، وساهم بقوة في تعزيز الاصطفاف الوطني لتجاوز الصعاب والحفاظ على مقدرات الأمة وسلامة ووحدة أراضيها.

لذا، فإن التاريخ سيذكر شجاعة الرئيس السيسى في اتخاذ القرار في مواجهة قوى الشر في الداخل ودول التآمر والاستعلاء الغربي بذكاء وحنكة أفسدت مؤامرة التقسيم والفوضى الخلاقة ونجحت في استعادة الأمن والأمان والاستقرار إلى ربوع الوطن الغالي.

وسيكتب التاريخ بحروف من نور إصرار الرئيس السيسي على وحدة تحالف 30 يونيو بدعوته للحوار الوطنى وتعهده بتنفيذ المخرجات والتوصيات التى تأتى فى إطار سلطات رئيس الجمهورية، وكذلك دعمه الدائم للحوار الوطنى سواء فى خطاباته الرئاسية أو بتوجيه الحكومة بتنفيذ توصيات الحوار وإحالة ما يحتاج من هذه التوصيات إلى قوانين للسلطة التشريعية، ما يعنى أننا أمام جمهورية جديدة تتسع للجميع يقودها رئيس يحرص على التوافق الوطنى بين فئات الشعب كله.

وسيذكر التاريخ أيضا شجاعة الرئيس السيسى وإصراره على إعادة الثقل من جديد للسياسة الخارجية المصرية رغم مرور العالم بتغيرات جيوسياسية متلاحقة، نتج عنها تعزيز علاقات مصر الاستراتيجية ونجاح الشركات الثنائية بين مصر ومختلف دول العالم، والعبور بالبلاد إلى بر الأمان من خلال استخدام سياسة متوازنة مع الجميع تدعو وتسعى لإخماد بؤر التوتر ونزع فتيل الأزمات وترسيخ ركائز السلام والتنمية، وذلك من أجل صنع مستقبل أفضل لمصر والمصريين في بناء الجمهورية الجديدة.

ونموذجا على نجاح سياسة مصر الخارجية، دور وجهود الدولة المصرية فى أزمة غزة، على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والإنسانية خلال اتخاذها موقف واضح وحاسم وضع العالم كله أمام مسؤولياته تجاه مأساة غزة، فلا أحد ينكر جهود مصر وأنها وقفت حائلا وسدا منيعا ضد تصفية القضية الفلسطينية بتنفيذ مخطط التهجير القسرى، ولا أحد ينكر دورها فى إغاثة أهالينا فى غزة، حيث قدمت أكثر من 80% من المساعدات الإنسانية والإغاثية، خلال تجهيز مطار العريش وميناء العريش وعمليات الإنزال الجوى، إضافة إلى دورها المحورى فى ملف الوساطة والعمل على الوصول لاتفاق بوقف إطلاق النار، وكذلك قيام الرئيس السيسى بتوظيف ثقل مصر الاستراتيجي والسياسى لإحياء القضية والضغط على المجتمع الدولى لخدمة القضية الفلسطينية رأينا هذا فى اجتماعات الأمم المتحدة وفى فى مجلس الأمن، وفى أروقة محكمة العدل الدولية، وفى جولات وزير الخارجية المصري المكوكية لعرض وحشد الموقف الدولى تجاه ما يحدث في غزة.

فقولًا واحدًا، جهود كبرى بذلتها الدولة المصرية منذ بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة من أجل تحقيق التهدئة والحفاظ على القضية من التصفية، وهذا ليس كلامنا وإنما تقارير إعلامية أشادت بالدور المحورى المصرى فى تحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة منها صحيفة لوموند الفرنسية التي تحدثت عن استعادة مصر دور الوسيط الرئيسى بين إسرائيل وحماس.

وكذلك وكالة بلومبرج التي أشارت إلى تودد جميع الأطراف إلى مصر باعتبارها محورية فى مصير لاجئى غزة، وكذلك "فورين بوليسى" الذى أكدت أنه لا يمكن للعالم أن ينهى الحرب بدون مصر، فيما أشارت "abc action news" إلى الدور الحاسم لمصر فى محادثات السلام بين إسرائيل وحماس.

وعلينا أن لا ننسى ونحن نحتفل بمصر 30 يونيو، دور الرئيس السيسى في ترسيخ دور مصر الريادي والمحوري في القارة الإفريقية وتولي قيادتها، وإحداث نقلة نوعية في إتمام التكامل بين مصر ودول القارة السمراء بزيادة التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة سياسيا واقتصاديا وثقافيا وإنسانيا وفي كافة المجالات المختلفة، ونموذجا الإنجازات التي تحققت إبان رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي في عام 2019 حيث وظفت فيه مصر كل إمكانياتها وخبراتها بهدف النهوض بالقارة الإفريقية من أجل تحقيق التنمية الشاملة لشعوبها بالكامل، ومد جسور التواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب الإفريقية، وتحقيق التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي، مشيرا إلى حرص مصر في كافة المحافل الدولية الدفاع عن حقوق دول القارة السمراء في السلام والنهوض والاستقرار والتقدم والتنمية الاقتصادية الشاملة، خاصة في ظل الأزمات العالمية المتلاحقة وتأثيرها على دول القارة واقتصادها.

وهو ما صممت عليه الدولة المصرية من خلال تأكيد جملة من الثوابت التاريخية والاستراتيجية، والالتزامات السياسية والعملية تجاه محيطها الأفريقى، وكان في مقدمتها إعلاء مبادئ التعاون الإقليمي، والمساهمات المصرية فى برامج الاتحاد الإفريقى، وعملت على تنمية دول القارة عموما، ودول حوض النيل خصوصا، فضلا عن تنوع سياسات وآليات التحرك المصرى تجاه بلدان القارة، بين تحركات سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية ومائية، فضلا عن الدعم المصرى الواسع لجهود التنمية البشرية، من خلال إيفاد آلاف الخبراء والمختصين فى عشرات المجالات، واستقبال الآلاف من الأفارقة للتدريب فى المعاهد والأكاديميات المصرية، وتنوع مجالات واهتمامات «الصندوق الفنى للتعاون مع أفريقيا» التابع لوزارة الخارجية، إضافة إلى حرصها على إحداث بنية تحتية في القارة السمراء من خلال عرض جهودها التنموية وتوجيه القطاع الخاص للعمل هناك.

والمقدر أنه قد واكبت التحركات العملية للدولة المصرية تجاه القارة السمراء خطاب سياسى جديد ومختلف من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ما ساهم فى عودة مياه العلاقات المصرية الأفريقية إلى مجاريها، بينما يتواصل تأكيد الرئيس فى كل المحافل والمناسبات على تاريخية واستراتيجية علاقات مصر بالقارة السمراء، واعتزازها بانتمائها لها.

وكذلك دور 30 يونيو والرئيس السيسى في تعزيز العلاقات المصرية العربية والإقليمية لتستعيد الريادة من جديد في صنع القرار العربى، وفى مواجهة الأخطار الإقليمية من خلال تعزيز التعاون المشترك وتأكيده دوما أن أمن الخليج مرتبط بأمن مصر القومي، وهو ما كشفته الزيارات الرسمية المتبادلة بين مصر ودول الخليج، إضافة لمشاركة الرئيس السيسي في كافة المؤتمرات والقمم العربية الخليجية، إضافة لمساندة مصر الدائمة للشعب اللبناني لتجاوز أزمته الراهنة، إضافة لتدشين آلية التعاون الثلاثى بين مصر والأردن والعراق، إضافة لمساعدة الأشقاء بدولة اليمن بإرسال المساعدات وقت الأزمات، وكذلك دعمها المتواصل للأشقاء فى ليبيا، ما يؤكد أن مصر الداعم الأكبر للعرب والأشقاء فى أفريقيا.

نهاية .. ذكرى ثورة 30 يونيو المجيدة تاريخ سيكتب بحروف من نور، وستظل تاريخ محفور فى ذاكرة كل مصري، لأنها – ببساطة - أنقذت مصر من نفق مظلم، وكانت بداية انطلاق الدولة المصرية الحديثة في ثوبها الجديد نحو الإصلاح والتقدم والتنمية في كافة المجالات والقطاعات، وذلك بفضل سياسة ورؤية حكيمة من الرئيس السيسي الذى أعاد لمصر الأمن والأمان والاستقرار بمحاربته للإرهاب والقضاء عليه، فضلا عن الحركة التنموية في كافة المحافظات بلا استثناء في الصعيد وسيناء والوجه البحري والمحافظات الحدودية، لتصبح ذكرى ثورة 30 يونيو فجر جديد لمصر وانطلاقة حقيقية نحو مستقبل مشرق.

غادة البدوي

أمينة أمانة التدريب والتثقيف بحزب حماة الوطن

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز