البث المباشر الراديو 9090
وكيل الأزهر
أكد وكيل الأزهر الدكتور محمد الضوينى أن الأزهر أقر مناهج أصيلة تعمل على تصحيح العقيدة وصيانتها من الشبه والأباطيل، وتمدهم بالحقائق الإيمانية نقية دون تشويه، وتأخذ الواقع إلى الشريعة فى غير تضييق ولا جمود، وتوجه سلوك الناس فى إطار من السماحة، وتجدد وعيهم وتبصرهم بالتيارات والاتجاهات والمذاهب المعاصرة، مشيرا إلى أن مناهج الأزهر وكلياته ومعاهده توصف بأنها تجدد عمل النبوة فى الأمة إصلاحا وتيسيرا.

وقال الضوينى - خلال كلمته بالمؤتمر الدولى الثانى لـ «جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية» والذى جاء تحت عنوان (الدراسات الإسلامية فى الجامعات الرؤى والمناهج) - إنه قد استقام للأزهر على مدى قرون منهج يقوم على بناء ملكة رصينة تعنى بدراسة الكتاب والسنة، وعلوم أصول الدين وأصول الفقه، وعلوم القرآن، وعلوم الحديث الشريف، وعلوم الفقه المذهبى والمقارن، وعلوم العربية، وغيرها، مع عقل واع يربط الحاضر بالماضى ويستشرف المستقبل، فى مزج عجيب يؤصل للوقائع المتجددة، ولا يتنكر للماضى، فى ضوء قواعد راسخة وأصول مقررة تعين الخريج على الوفاء بحاجات الأمة، وتؤهله لأن يتبوأ من نفوس العالم مكانة عليا، مستعرضا السمات المميزة للمنهج الأزهرى.

وبين الضوينى أن منهج الأزهر يتسم بتميزه وتوازنه واعتداله، فهو ينفتح على الآخرين وعلومهم وفكرهم، مع الاحتفاظ بالأصول والثوابت فهو منهج متصل بجذور تمتد فى عمق التاريخ والجغرافيا رواية ودراية وتزكية، وأنه منهج يعظم شأن الأمة المحمدية، وفى الوقت نفسه يعمل على تحقيق الهداية العامة للناس، ويدرك حقوق غيرنا علينا.

وأوضح أن إعادة قراءة الذات، واكتشاف جوانب التفرد والتميز فى تراثنا وهويتنا من الضرورات الملحة فى ظل محاولات التغييب المتعمد التى تكاد تعصف بأدمغة الشباب وعقولهم، وتطمس ملامح الهوية فى قلوبهم، ولولا عناية الله بالأمة، وحفظه للكتاب والسنة بالعلوم التى دارت عليهما، وبالعلماء الذين أنفقوا أعمارهم صيانة لهما، وبالمؤسسات التى أضاءت جنباتها بأنوارهما لكان ما كان مما سجله التاريخ من اندثار أمم وضياع مجتمعات.

وبين أن الشمول يتجلى فى العقيدة والإيمان، وفى العبادات والمعاملات، والأخلاق والفضائل، وفى التشريع والتنظيم، موضحا أن الفكر الإسلامى ينظم حياة الإنسان بحسبانه فردا، وبحسبانه جزءا من المجتمع، ثم ينظم ما يكون بين الأمم والشعوب مما تفرضه ضرورة الاجتماع الإنسانى، وكل هذه المعالجات دون أى خيال أو مثالية مفرطة، ودون تضليل أو واقعية محبطة، وإنما معالجة وسطية تعالج مشاكل الإنسان واحتياجاته، وترتب سلوكه وعلاقاته، وتحفظ عليه دينه ودنياه وآخرته.

وأوضح وكيل الأزهر أن من أهم التحديات التى تواجهها الدراسات الإسلامية اليوم ليس فى قدرتها على إيصال رسالة الإسلام كما أراد الله، وإنما فى مواجهة ما يمكن أن نسميه «الصراع على الإسلام»، ما بين اتجاه يعنى بالدراسات الإسلامية على طريقة خاصة، ووفق منظور معين، دون حيادية أو موضوعية، ودون استجابة لما تفرضه نتائج البحث والنظر، وغالبا ما نجد هذا فى الدراسات الغربية عن الإسلام وتراثه، والتى تحاول أن تضع الإسلام فى أطر بعيدة عن مقاصده وأهدافه، وما بين اتجاه آخر هو أشد وطأة على علوم الإسلام من سابقه؛ يتنكر للدراسات الإسلامية نفسها، ويراها عبئا على المجتمعات، ويحاول استيراد نموذج معرفى غريب عن نظامنا المعرفى الإسلامى، يوقع الناس فى حالة انهزام حضارى.

وأكد أن تطوير المناهج الإسلامية ورؤاها والاستفادة بمستجدات العصر ومعطياته أصبح من الضرورات الواجبة شرعا؛ لأن مقاصد الدراسات الإسلامية توجب هذا، فضلا عن التنافس الفكرى والتسابق الحضارى الذى يحاول فيه كل فريق أن يجذب غيره إليه، وهو ما يحتم استعمال التقنية والوسائل الحديثة فى مجال الدراسات الإسلامية فى الجامعات، موضحا أن الوسائل المعاصرة التى تعين على التحصيل العلمى، والتراكم المعرفى، تغيرت فقديما كان المسجد وأروقته وشيخه، ثم تطور الأمر إلى قاعات المحاضرات والمكتبات، واليوم زاحمت التكنولوجيا فى العملية العلمية والتعليمية، وأصبح الإنترنت معلما وموجها وميسرا.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز