البث المباشر الراديو 9090
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء
توقع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن تتحسن التجارة العالمية خلال عامي 2024 و2025، بعدما شهدت تراجعا في العام 2023، والذي مثل بالأساس تراجعا في التجارة السلعية، مشيرا إلى أنه رغم ما شهده العام السابق من تراجع في التجارة العالمية فإنها ظلت أعلى مما كانت عليه قبل جائحة كورونا في عام 2019، وهو ما يعكس مرونة التجارة في مواجهة العديد من الصدمات، لافتا إلى أن حجم التجارة سيتوقف على تطور التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم وما لها من تداعيات.

جاء ذلك فى التحليل الذى أصدره مركز المعلومات، تناول من خلاله أبرز التوقعات الدولية لمؤشرات وملامح التجارة العالمية خلال العام الجاري.

وأوضح المركز أن الاقتصاد العالمي شهد عدة صدمات اقتصادية في السنوات الأخيرة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، واستجابة لهذه المخاوف وغيرها، اتخذت العديد من الحكومات إجراءات لدعم الإنتاج المحلي وتحويل التجارة نحو الدول الصديقة، وكان لهذه الإجراءات بعض التأثير على أنماط التجارة.

أشار التحليل إلى أن عام 2023 شهد تراجعا في الصادرات السلعية، والذي يعود إلى استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم وما إلى ذلك من تأثير على الطلب على السلع المصنعة، وهو ما أدى إلى انخفاض 1.2٪ في حجم تجارة السلع العالمية لعام 2023، ليس ذلك فقط بل إن الانخفاض كان أكبر من حيث القيمة، حيث انخفضت التجارة السلعية العالمية بنسبة 5٪ إلى 24.01 تريليون دولار أمريكي.

ولكن هذا الانخفاض تم تعويضه من خلال زيادة قوية في تجارة الخدمات، التي ارتفعت بنسبة 9% إلى 7.54 تريليون دولار أمريكي مع استمرار تعافي الإنفاق على السفر والخدمات الأخرى من وباء كوفيد-19.

ولفت إلى أن السياق الاقتصادي السلبي والتوترات الجيوسياسية لم يؤثرا على إنفاق المستهلكين على السفر، حيث استمر نقل الركاب الدولي -وهو قطاع دمره الوباء - في التعافي خلال عام 2023، مع عودة شركات الطيران إلى الربحية.

ووفقا لاتحاد النقل الجوي الدولي "IATA"، وصل الاتصال الجوي الدولي - تواتر الرحلات الجوية العالمية - إلى 94٪ من مستوى ما قبل الوباء في عام 2023، ويشار إلى أن خدمات التأمين شهدت أسرع نمو في عام 2023، حيث توسعت بنسبة 17٪، مع ارتفاع صادرات الاتحاد الأوروبي بنسبة 26٪، والمملكة المتحدة بنسبة 29٪ وسويسرا بنسبة 21٪.

وأوضح التحليل أن الفجوة التي شهدها عام 2023، بين نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الذي ظل إيجابيا، ونمو حجم التجارة السلعية العالمية، الذي تحول إلى سلبي، يمكن أن تعزى إلى ظروف اقتصادية كلية أكثر صعوبة مدفوعة في المقام الأول بالضغوط التضخمية، حيث أوضح التقرير أن التضخم أثر على التجارة من حيث تكوين منتجاتها وتوزيعها الجغرافي، فأدى إلى استهلاك أقل للسلع المصنعة، لاسيما تلك التي تحتوي على نسبة استيراد عالية، مقارنة بالخدمات.

كما أثر التضخم بشكل أكثر وضوحا على الدخل الحقيقي والاستهلاك داخل الاتحاد الأوروبي، نظرا للارتفاع الحاد في أسعار الطاقة هناك مقارنة بالاقتصادات الأخرى، وقد أدى ذلك إلى انكماش أكبر في التجارة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي على المستوى العالمي، نظرا للحصة الكبرى للاتحاد الأوروبي في تجارة السلع العالمية "30٪ في عام 2023"، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي العالمي "24٪ في نفس العام".

وأشار التحليل إلى تأثر التجارة العالمية في السنوات الأخيرة بمجموعة من العوامل المضادة والأزمات المتعددة، والتي يشار إليها مجتمعة باسم poly-crisis ، وهو ما يشير إلى الأزمات المتعددة والمتشابكة، وتشمل هذه العوامل سلسلة من صدمات العرض والطلب المتعلقة بجائحة كوفيد-19، واضطرابات سلسلة التوريد، وتأثيرات زيادة عدم اليقين في السياسة التجارية مدفوعة بالمنافسات الجيوسياسية.

وأوضح التحليل أنه على الرغم من هذه التحديات، أظهرت تجارة السلع العالمية مرونة ملحوظة على مدى السنوات الأربع الماضية، فقد ظل حجم تجارة السلع في الربع الأخير من عام 2023 مرتفعا بنسبة 6.3٪ مقارنة بالذروة قبل الوباء في الربع الثالث من عام 2019، وبزيادة 19.1٪ مقارنة بمتوسط المستوى في عام 2015.

وفي الوقت نفسه، شهدت تجارة الخدمات أيضا نموا قويا، مع زيادة بنسبة 21٪ في قيمة الدولار الأمريكي مقارنة بعام 2019، وقد أدى ظهور كوفيد- 19 إلى انخفاض بنسبة 15.4٪ في حجم تجارة السلع في الربع الثاني من عام 2020، ومع ذلك، في الربع الأول من عام 2021، انتعشت التجارة، مسجلة زيادة بنسبة 20.6٪ لتتجاوز الحد الأقصى قبل الوباء.

وعلاوة على ذلك، لعبت التجارة دورا حاسما في تيسير إيصال الأدوية الأساسية والمنتجات الغذائية، سواء خلال فترة الوباء أو منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

وأكد التحليل تحسن البيئة التجارية السلبية التي سادت في عام 2023 ما يوفر دفعة لتجارة السلع في عامي 2024 و2025، ومع ذلك، فإن ارتفاع تكاليف التجارة والتوترات الجيوسياسية وما قد تشهده العلاقات الدولية من حالة عدم اليقين يمكن أن يحد من نطاق أي انتعاش تجاري.
وعلى الرغم من أن نمو الصادرات يجب أن يتحسن في العديد من الاقتصادات مع ارتفاع الطلب الخارجي على السلع، فإن أسعار الغذاء والطاقة يمكن أن تخضع مرة أخرى لارتفاع الأسعار المرتبط بالأحداث الجيوسياسية.

كما أشار التحليل إلى أن اختيار الوتيرة المناسبة لخفض أسعار الفائدة يعد تحديا أيضا للبنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة، وقد يؤدي أي سوء تقدير إلى تقلبات مالية في وقت لاحق من عام 2024.

وأشار التحليل إلى توقعات منظمة التجارة العالمية في تقريرها أن تتراجع الضغوط التضخمية في عام 2024، وهو ما سيسمح للدخل الحقيقي بالنمو مرة أخرى، لاسيما في الاقتصادات المتقدمة؛ ما يوفر دفعة لاستهلاك السلع المصنعة.

وقد أشار التقرير إلى انتعاش الطلب بالفعل على السلع القابلة للتداول في عام 2024، وذلك وفقا لمؤشرات طلبات التصدير الجديدة، والتي تشير إلى تحسن ظروف التجارة في بداية العام.

ولفت إلى أنه من المتوقع أن يشهد حجم تجارة السلع العالمية نموا بنسبة 2.6٪ في عام 2024 ونموا بنسبة 3.3٪ في عام 2025.

يأتي ذلك بعد انخفاض أكبر من المتوقع بنسبة 1.2٪ في عام 2023، وقد كان الطلب على الواردات بقيمتها الحقيقية ضعيفا في عام 2023 في معظم المناطق، خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا.

ومع ذلك، شهدت منطقة الشرق الأوسط ورابطة الدول المستقلة "الكومنولث" استثناء، حيث شهدت زيادة في وارداتها.

ويقدر التحليل أن نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأسعار الصرف في السوق سيظل مستقرا في الغالب خلال العامين المقبلين عند 2.6٪ في عام 2024 و2.7٪ في عام 2025، بعد أن تباطأ إلى 2.7٪ في عام 2023 من 3.1٪ في عام 2022، مشيرا إلى أن التناقض بين النمو المطرد للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي والتباطؤ في حجم التجارة الحقيقية للسلع يرتبط بالضغوط التضخمية، التي كان لها تأثير هبوطي على استهلاك السلع كثيفة التجارة، لاسيما في أوروبا وأمريكا الشمالية.

وأوضح التحليل أنه في حالة استمرار التوقعات الحالية، فسوف تنمو صادرات قارة إفريقيا بشكل أسرع من صادرات أية منطقة أخرى في عام 2024، بزيادة قدرها 5.3%، بعد أن ظلت صادرات القارة منخفضة بعد جائحة كوفيد - 19، ويقل معدل النمو المتوقع في منطقة رابطة الدول المستقلة "الكومنولث" قليلا عن 5.3%، بعد انخفاض صادرات المنطقة في أعقاب الحرب في أوكرانيا.

ومن المتوقع أن تشهد أمريكا الشمالية "3.6%" والشرق الأوسط "3.5%" وآسيا "3.4%" نموا معتدلا في الصادرات، بينما من المتوقع أن تنمو صادرات أمريكا الجنوبية بشكل أبطأ بنسبة 2.6%.

ومن المتوقع مرة أخرى أن تتخلف الصادرات الأوروبية عن صادرات المناطق الأخرى، مع نمو لا يتجاوز 1.7%.

وفيما يتعلق بالبلدان الأقل نموا، توقع التحليل أن تنمو صادراتها السلعية بنسبة 2.7% في عام 2024، انخفاضا من 4.1% في عام 2023، قبل أن يتسارع النمو إلى 4.2% في عام 2025.

وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تنمو واردات البلدان الأقل نموا بنسبة 6.0% هذا العام و6.8% العام المقبل، بعد انكماش بنسبة 3.5% في 2023.

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز