البث المباشر الراديو 9090
محمود عباس أبو مازن الرئيس الفلسطينى
"البيضة ولا الفرخة" أيهما يأتى قبل الآخر؟.. سؤال لم يكن فى يوم فلسفيًا، بل عبثى، لأن ببساطة هذا من ذاك، وذاك من هذا.

هذا السؤال ربما يكون قد طُرح فى أروقة المباحثات "الفلسطينية الإسرائيلية"، بخصوص موقف حركة فتح، أو بالأحرى السلطة الفلسطينية التى يتزعمها الرئيس محمود عباس أبومازن، برعاية مصرية.

السؤال جاء بسبب أولويات أبومازن التى قد تعرقل اتفاق التهدئة، إذ اشترط تنفيذ الهُدنة بين الفصائل الداخلية المتنازعة أولًا، ومن ثم التهدئة مع تل أبيب.

تصُر "فتح" على تنحية نفسها من المشاورات، والضغط باتجاه تنفيذ شروطها ورؤيتها للمصالحة الداخلية مع حركة حماس، قبل الاتفاق الشامل على تهدئة طويلة، وذلك على الرغم من بعض التصريحات التى خرجت أخيرًا من غزة، وأعطت دفعة معنوية للفلسطينيين بفترة هدوء وارتياح اقتصادى، غابت عنهم طوال السنوات الماضية.

بالتأكيد السلطة الفلسطينية لا تعارض التهدئة من حيث المبدأ، لكنها تعتقد أنها ستثبت حكم "حماس" لغزة، على الرغم من الأزمات الحقيقية التى سببها حكم الحركة الإسلامية فى الواقع المعيشى بغزة، وتتخوف "فتح"، ومعها أبومازن، من أن تكون المرحلة التى تلى التهدئة تهدف إلى فصل القطاع عن الدولة الفلسطينية، وهو أمر غير متوقعٍ خصوصًا فى وجود الوساطة المصرية التى تنطلق من ثوابت الدولة، وهى قيام دولة فلسطينية على كامل أراضى حدود 1967، وعاصمتها القدس الشريف.

ليست الوساطة المصرية فقط من تمنع ما تفكر فيه "فتح" والرئيس أبو مازن، بل نفى حركة "حماس" نفسها حدوث هذا الأمر، على لسان عضو وفدها إلى القاهرة، حسام بدران.

وقال بدران، فى تصريحات صحفية، إن الحركة ناقشت مع المسؤولين المصريين والفصائل، خلال زيارتها الأخيرة، ضرورة إنجاز المصالحة الفلسطينية على قاعدة الشراكة الوطنية الكاملة، بما يحقق وحدة الشعب الفلسطينى، ويعزز صموده فى وجه المحتل الغاصب.

وأوضح، أن المباحثات تناولت سُبل بناء بيئة فلسطينية مناسبة لتحقيق المصالحة، وفى مقدمتها رفع الإجراءات العقابية المفروضة على قطاع غزة، وتطبيق اتفاق المصالحة الشامل الموقع عام 2011، ومخرجات اتفاق بيروت يناير 2017.

وركزت المباحثات، وفق بدران، على آليات تثبيت وقف إطلاق النار المُعلن عام 2014، بما يحقق كسر الحصار عن قطاع غزة، ويضمن رفع المعاناة عن الشعب، واتسمت المباحثات بالجدية والحرص الكبيرين على تحقيق طموحات الشعب الفلسطينى.

وتؤكد مصادر أن القاهرة أكدت أنها سترسل، بعد إجازة عيد الأضحى، وفدًا رسميًا إلى رام الله للحديث مع الرئيس الفلسطينى حول الأمر برمته، وعرض ما تم التوصل إليه مع الفصائل والاحتلال الإسرائيلى، ومحاولة تحصيل موافقة منه على هذه الخطة.

ومن المقرر كذلك، أنّ تعود الفصائل الفلسطينية إلى القاهرة بعد إجازة عيد الأضحى، لتلقى الموقف النهائى، ورد الرئاسة الفلسطينية على طروحات التهدئة والمصالحة، وغيرها من الملفات التى يُجرى النقاش فيها.

يعتقد الرئيس عباس أن التهدئة مع إسرائيل تقوى وتثبت دعائم أركان "حماس" فى غزة، فيما يستمر فى دفع رواتب الموظفين والقطاعات الحيوية من دون سيطرة حقيقية على القطاع.

وتعتقد المصادر الفلسطينية أن الرئيس عباس سيوقف دفع رواتب موظفى السلطة والدعم الصحى ودعم الكهرباء فى غزة، وإن حدث ذلك فإن الدولة المصرية عليها عبء آخر وهو محاولة إقناع "فتح" بهذا الأمر، كما أنه لا يوجد طرف عربى وافق على تحمل رواتب الموظفين فى غزة حتى الآن، بل لا حل فى الأفق كبديلٍ عن الأمر، وهو ما سيوصل غزة حتمًا إلى خيارات صعبة، ربما يكون الوقوع تحت القصف الإسرائيلى أحدها، والوصول إلى مرحلة الجوع الخيار الآخر المؤلم أو الاثنين معًا.

وبالعودة إلى مثال البيضة ولا الفرخة، نجد أن التهدئة هنا قد تؤدى إلى تهدئة فى الملف الآخر، وهو ما لا يريد إدراكه أبومازن.

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز