البث المباشر الراديو 9090
خالد على
فى عالم منظمات حقوق الإنسان المصرية صراعات طبقية، تشبه إلى حدٍ بعيد صراع "الأسياد والعبيد"، لأن أغلبهم من خلفيات شيوعية ويسارية، بينما القلة من الوفديين والناصريين.

كان هناك نوع من التعالى لدى نجوم الحركة من الشيوعيين القدامى على باقى التيارات، بل وبين الشيوعيين أنفسهم، كان منطق الأسياد والعبيد هو المحرك سواء على مستوى العلاقة مع الإعلام أو المؤسسات المانحة الدولية أو السفارات، فهناك السيد المؤسس للمنظمة، رئيسها الأبدى، المعارض المناضل الذى لا يتغير، وهناك العبيد الذين يعملون معه فى انتظار فرصة تأسيس منظمة مماثلة فى يوم ما .

كنت تشعر بوطأة ذلك الصراع مع خالد على، كان ينتمى لفئة العبيد، كان فى مطلع الألفية مُجرد محامِ فى مركز هشام مبارك، كان يحاول الاجتهاد فى القضايا العمالية، لكنه ليس نجمًا مثل حافظ أبو سعدة وبهى الدين حسن ونجاد البرعى، كما أنه ليس نجل قيادى شيوعى أو "سيخ " مثل علاء عبدالفتاح نجل استاذه أحمد سيف الإسلام أو زوجته منال نجله بهى الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.

ينحدر خالد على من أسرة بسيطة تعيش فى إحدى قرى ميت غمر، بمحافظة الدقهلية، ونزح إلى القاهرة للعمل بالمحاماة، كان يقدم نفسه أنه يسارى يصلى، أو ليس على عداء مع الدين الإسلامى، كما هو الحال مع باقى نجوم الحركة، لكنه كان يرى فى نفسه الكفاءة التى تجعله نجمًا بين هؤلاء.

ومع تراجع الحالة الصحية لأحمد سيف الإسلام، بدأ دور خالد على يتزايد داخل مركز هشام مبارك، حتى أصبح المسؤول عن كل القضايا الموجودة بالمكتب، وكذلك التعامل مع المانحين، وأصبح هناك مشروعات يديرها هو ومن يختاره للعمل معه داخل المكتب .

استغل على، القضايا العمالية ليصنع أسمًا بين قيادات حقوق الإنسان، وابتعد عن قضايا الدفاع عن الإرهابيين وتركها لمدير المركز أحمد سيف الإسلام ، وركز كل جهده على قضايا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

كان يتحاشى الصدام مع الأجهزة الأمنية، ومن القلائل الذين لم يتم اعتقالهم أو القبض عليهم قبل يناير، حافظ على مساحة متساوية بين كل الأطراف، لإرضاء النشطاء دون الصدام مع الدولة.

وكان يتعمد الظهور فى القضايا الجماهيرية مثل "عمر أفندى"، ثم قضايا استعادة المصانع التى يتم خصخصتها، وبدأ نجاحه فى تلك القضايا يقربه تدريجيًا من طبقة الأسياد قبل أحداث 25 يناير .

عام 2009، استقل على عن مركز هشام مبارك، وأسس المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مستغلًا اهتمام الاتحاد الأوروبى بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، على اعتبار أن هذه الحقوق لا تغطيها المنظمات الأخرى النشطة مع الاتحاد، والتى ركزت على الجانب السياسى.

وبمساعدة تمويلات الاتحاد الأوروبى، قام على بتأجير مقر فى نفس العمارة التى كان فيها مركز هشام مبارك بشارع التوفيقية بوسط القاهرة، وانسحب معه من هشام مبارك كل مساعديه السابقين .

يتحدث خالد على كثيرًا عن 25 يناير، رغم أنه لم يشارك فعليًا إلا بعد يوم 28، وقت ظهور الإخوان بشكل مباشر فى ميدان التحرير، لكنه ساهم بشكل رئيسى فى علاج الجرحى والمصابين، إذ فتح المركز لتلك الحالات مثل "دار ميريت" و"النديم" فى شارع معروف، ذلك ساهم فى صناعة شعبية مختلفة له عند أجيال جديدة من النشطاء ظهرت مع أحداث يناير، وهو ما دفعه للتفكير جديًا فى الترشح للرئاسة، رغم أنه كان يعلم جيدًا أنه بلا أمل.

فى تلك المرحلة اقترب على من الإعلام والصحافة، وظهر فى برامج نجوم الصف الأول خاصة الإعلاميين يسرى فودة ومحمود سعد، بدأ السيد الجديد يبتعد عن مسارات الأسياد القدامى، وبعد أن كان حلمه الالتحاق بعضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان، أصبح فى مرتبة أعلى بصفته مرشح سابق للرئاسة، رغم أنه يعلم جيدًا أن العمل الحقوقى يتناقض تمامًا مع العمل السياسى، بل أن العمل بالسياسة يلغى فكرة الحقوقى، حيث أن الفصل أساس التعامل مع القضايا الحقوقية دون انحيازات مسبقة، فالعمل السياسى مكانه الأحزاب السياسية وليس المنظمات الحقوقية، لكن الخلط شائع بين الاثنين، فضلًا عن تحول منظمات حقوق الإنسان إلى أحزاب معارضة صريحة بعد أحداث 25 يناير، بل واعتبر بعض من شاركوا فيها من النشطاء أنفسهم زعماء سياسيين، رغم أن صناديق الاقتراع لم تستجب لهم ولا مرة بعد يناير، رغم أنهم كانوا من صُناعها.

شغل خالد على نفسه بالإعلام خاصة الدولى، كان يرى أن دوره داخل مصر مرتبط بمدى تأثيره على تلك الألة الجهنمية، من هنا جاءت صداقته بكثير من المراسلين الأجانب، وساعده نشطاء ما بعد 25 يناير فى الظهور بإطلالة جديدة تساهم فى نفخ صورته ليصبح مؤثرًا فى الحالة السياسة، رغم أنه بلا أى شعبية مثبتة، وكان ترتيبه الأخير فى انتخابات الرئاسة عام 2012.

بعد نجاح ثورة 30 يونيو 2013، وجد خالد على نفسه خارج الصورة من جديد، خارج حسابات الدولة، بلا قيمة لدى شركاءه الأجانب، بين مطرقة لقبة كمرشح سابق على كرسى الرئاسة، وسندان رغبته فى العودة مرة أخرى لنشاطه السابق كمحامى قضايا عمالية، ظن أن الدولة اختفت بعد يناير، ثم فوجئ بعودتها بطلب شعبى عارم فى 30 يونيو، وربما كان السؤال الذى يشغله كيف يزحف للأضواء من جديد بعدما نزل المصريون إلى الشوارع واختاروا عودة مؤسسات الدولة وعلى رأسها القوات المسلحة؟

 

تابعوا مبتدا على جوجل نيوز